يستعرض هذا الإيجاز اليومي، منتخبات من الأخبار والمقالات والتقارير، التي تعكس وجهات نظر بعض دوائر التفكير الغربية، وما نُشر فيها، حول التظاهرات والتحركات الشعبية في إيران، ومحاولة فهمها، وتأثيرها على طموحات إيران الإقليمية، وتقييم تعامل المفكرين والساسة الغربيين مع أخبارها. ويتناول ما يأتي بعدها، وتململ الإيرانيين من طريقة حكومتهم التي تدير بها البلاد، وحاجتهم للتجمع وراء قائد للثورة التي تظهر إرهاصاتها، وينتهي بخلاصة.
- ماذا يأتي بعد الاحتجاجات؟
كتبت دينا إسفندياري في صحيفة “واشنطن بوست” حول تصورها للمرحلة التي تلي الاحتجاجات.
تعتقد الكاتبة أن موجة الاحتجاجات قد تراجعت فعلاً في الوقت الراهن، نتيجة عمليات الصد والقمع التي مارستها الحكومة ضد المتظاهرين. لافتة إلى أن النظام ألقى باللوم على الأعداء الخارجيين في التحريض على إشعال الاحتجاجات. إلا أنه وفي الوقت ذاته، بعض أجنحة النظام وبعض رجال الدين وبعض أعضاء السلطة القضائية والمسؤولين الإيرانيين، أظهروا تعاطفا مع المتظاهرين، جنباً إلى جنب مع تصريحات الرئيس حسن روحاني، الذي عبر عن شرعية الاحتجاجات، ورفض الادعاء بأنها مدفوعة بعوامل اقتصادية فقط، حيث للشعب مطالب سياسية وأخرى اجتماعية أيضاً، وأصر على أن الحكومة الإسلامية يجب أن تتكيف مع الجيل الجديد، ودعا النظام للاستجابة إلى مطالبهم.
في السياق ذاته تؤكد الكاتبة أن النهج الذي اتخذه النظام يؤكدبراغماتيته اللامحدودة، حيث أدركوا أنه لا يمكن إغفال مطالب الشعب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، من أجل الإبقاء على الوضع الراهن في إيران لصالحهم.
- منظمة حقوقية: سجل الحكومة الإيرانية الحقوقي سيئ!
اعتبرت “هيومن رايتس ووتش” في تقريرها للعام 2018، أن سجل الحكومة الإيرانية الحقوقي سنة 2017 كان سيئاً، وتخلله القمع والانتهاكات المتعلقة بالحريات والمحاكمات العادلة والمساواة بين الجنسين والحرية الدينية. كما أشار التقرير إلى استمرار عناصر قوات الأمن والقضاء في تشديد قبضتهم على الشعب وحرياته.
وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش”: إن “صناع القرار الإيرانيين (أوضحوا) أن معالجة الانتهاكات الحقوقية الجسيمة في البلاد ليست على جدول أعمالهم”. مضيفة أن “السلطات تنتهك حقوق الإنسان، كما أن السلطات الأخرى التي تقف متفرجة دون التصدي لهذه الانتهاكات، مسؤولة عن الأوضاع الحقوقية الخطيرة في إيران”. ويشير التقرير إلى إفادة منظمات حقوقية بأن إيران أعدمت (476) شخصاً بسبب جرائم غير عنيفة؛ يُزعم أنهم ارتكبوها وهم أطفال.
- الإيرانيون تعبوا من حكومتهم
كتب جاك جودين متسائلا: “ماذا يمكن أن نستفيد من شعارات المتظاهرين؟”، وذلك في موقع “ABC10News”.
الكاتب يعتقد أن الاحتجاجات التي انتشرت في مناطق عديدة من إيران، وحدت الناس في المدينة والقرية والعاصمة في المشاركة، وفي ذلك رسالة شاملة مضمونها رغبة الشعب الإيراني في حكومة إيرانية تضع مصالحها أولاً. ويلفت الكاتب إلى أن عفوية الاحتجاجات وانعدام القيادة الواضحة، يجعلان من الصعب حقاً أن تنسب الاحتجاجات لقضية واحدة. ما يمكننا قوله: إن الإيرانيين قد تعبوا من الطريق التي اتخذتها حكومتهم، ويريدون التغيير، أو سيكون هناك المزيد من الاضطرابات في الجولات القادمة.
- الشعب الإيراني بحاجة لراية للتجمع وراءها
السفير الأمريكي السابق لدى البحرين آدم إيرلي، كتب في “Town Hall” عن ضرورة قيام الولايات المتحدة الأمريكية بدعم الاحتجاجات، لصالح خلق إيران خالية من الطغيان؛ مؤيدا تحليل العديد من المراقبين الذين اعتبروا أن الاحتجاجات المتناثرة لا تمثل ثورة جيدة، إلا أنه يؤكد أن من الممكن أن تتبلور لتشكل ثورة كاملة إذا ساعدت الظروف على ذلك. يُشير الكاتب إلى أن الدعم الأمريكي يساعد في إنهاء النظام الديني الإيراني، باعتباره عراب الإرهاب الإسلامي الأصولي في جميع أنحاء العالم.
- إرهاصات انطلاق ثورة موحدة وقوية في المستقبل القريب!
جنيف عبده وعبدالله هنداوي كتبا في “Bloomberg” عن تصورهم حول المرحلة المقبلة بعد انحسار الاحتجاجات، معتقدين أن هنالك إمكانية استمرار الاضطرابات بشكل متقطع في السنوات المقبلة، نتيجة اختلاف خصائص هذه الانتفاضة الشعبية عن الثورة الخضراء وما سبقها من ثورات واحتجاجات، حيث أشار الكاتبان إلى الفجوة بين المناطق الحضرية والريفية، والتي تجعل هذه الحركة مختلفة عن تلك التي حدثت في الماضي القريب.
ويُشير الكاتبان إلى أنه قد يكون صحيحاً أن الاحتجاجات كانت ناجمة عن الأزمة الاقتصادية الإيرانية، إلا أن شعارات مثل “الموت للديكتاتور”، و”الموت لحزب الله”، تُظهر استياء واسع النطاق إزاء السياسات الإيرانية ذات الدوافع الأيديولوجية. وبدلاً من تحسين الاقتصاد، تنفق إيران مليارات الدولارات على توسعها العسكري في الشرق الأوسط.
إن مطالب المتظاهرين الإيرانيين المتعلقة بالمظالم الاقتصادية يمكن تحقيقها إذا أعاد النظام تخصيص موارده من الجيش إلى الاقتصاد. ومن المحتمل أن يؤدي استمرار إيران في سياساتها الحالية، إلى إثارة المزيد من الاحتجاجات في المستقبل القريب، والتي قد تؤدي إلى تشكل تحالف أوسع بين الطبقة الوسطى والطبقة العاملة.
خلاصة
النظر إلى ما يجري في إيران محكوم بالآمال التي يريدها معارضو النظام من جهة، وطموحات من يدافع عن النظام بوصفه فكرة أو حتى وطنًا، من جهة أخرى، وكلاهما يؤثران على دوائر التفكير الغربية عبر مقالات ومساهمات متعددة، تتفق على أن الاحتجاجات التي تموت لن تكون الأخيرة، وأنها لم تحقق أهدافها بسبب جملة أخطاء، منها عفويتها التي حرمتها من أن تحظى بقيادة تحولها إلى فعل سياسي واضح، يضع المطالب الشعاراتية في إطار سياسي وبيان عملي.