يرجع باحثون ومراقبون، ظهور جذور الإرهاب في السودان إلى قدوم أسامة بن لان إليها، ومعاونيه من المقاتلين من الأفغان العرب القادمين من أفغانستان، بعد مشاركتهم القتال ضد الاتحاد السوفيتي، والتي أتمت انسحابها منها في 15 فبراير (شباط) 1989، لتشهد لاحقًا الخرطوم تدفقًا منهم منذ عام 1991 حيث سمحت لهم الخرطوم بالاستقرار من خلال سنّها لسياسة الباب المفتوح
في هذه الفترة، انتشرت الخلايا والشبكات الأصولية من محاربين ينتمون لعدد من البلدان مثل (مصر، ليبيا، تونس، الجزائر، موريتانيا، الصومال، العراق، افغانستان) هذا عطفاً علي وجود حركة الجهاد الإرتري وحماس وحركة الجهاد المصرية والجماعة الليبية المقاتلة والحزب الإسلامي العراقي وغيرها وانتهت هذه الأنشطة الإرهابية التي أحتضنها نظام الإسلاميين في الخرطوم إلى قرار الإدارة الأمريكية بوضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب وترتب عليها عقوبات قاسية وعزلة دوليّة عانى منها السودان طوال ثلاثة عقود.
أصبح السودان في قائمة الاهتمام وسط الدوائر العالمية المهتمة بملف الإرهاب إذ انعكس عدم الاستقرار السياسي في السودان خلال فترة حكم الإسلاميين، بالإضافة إلى تسهيلات وجدتها التنظيمات إلى الإرهابية في السودان، انعكس ذلك على المشهد الأمني السوداني بشكل عام فأقدمت عدد من الجماعات والعناصر المسلحة على التخطيط وتنفيذ عمليات في مناطق متفرقة من السودان.
حادثة مسجد الشيخ أبي زيد في الثورة بأم درمان:
عام 1994، ارتجّت الخرطوم بأول حادثة إرهابية استهدفت مسجد أبي زيد محمد حمزة بمنطقة الثورة في أم درمان وأسفرت عن مقتل (20) مصلياً وجرح أكثر من ثلاثين آخرين، وكان قائد الخلية الإرهابية المدعو محمد عبدالله الخليفي، ضمن أفراد طاقم التأمين المكلف بحراسة أسامة بن لادن في الخرطوم.
مجزرة مسجد الجرافة:
تلت حادثة مسجد أبي زيد بأم درمان، مجزرة أخرى عرفها مسجد الجرافة شمالي بأم درمان عام 2000، خلّفت (25) قتيلاً وأكثر من (20) جريحاً كان قد أقدم على ارتكابها عباس الباقر المنتمي لجماعة التكفير والهجرة. هذه الأحداث بالإضافة لاستضافة الخرطوم لقادة تنظيمات إرهابية دولية شاركت في هجمات ارهابية على عدد من المصالح الأمريكية في أفريقيا واليمن دفعت واشنطن لوضع اسم السودان ضمن الدول الراعية للإرهاب وتصنيفه حكومته كدولة داعمة للإهاب بسبب إيوائها للإرهابيين الدوليين عاليي الخطورة واحتضان المطلوبين دولياً الأمر الذي يهدد الأمن والسلم الدوليين والأمن القومي لبعض بلدان الجوار خاصة وان السودان كان محطة للإرهابيين الذين خططوا لاغتيال الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك في مطار اديس ابابا خلال مشاركته في القمة الإفريقية بإثيوبيا في العام 1995.
مفاصلة الإسلاميين 1999:
شهد السودان ظروفًا محلية وتحولات داخلية من بينها حالات الانقسام والتشظي التي ضربت أطراف الحكم، وحدوث شرخ تنظيمي وسياسي وفكري أطلق عليه وقتها “مفاصلة الإسلاميين” عام 1999، والتي وضعت الدكتور حسن الترابي في خندق المعارضة ضد عمر البشير وأعوانه، وظهور تطرف جديد كان من مضاعفات وتداعيات هذا الانشقاق، تبعه لاحقًا توقيع اتفاقية السلام الشامل مع الحركة الشعبية بزعامة جون قرنق عام 2005، والذي نص فيه على علمانية الدولة في الدستور، وفصل الدين عن السياسة، والموافقة على حق تقرير المصير الذي قاد لاحقاً للانفصال واستقلال جنوب السودان عن شماله.
كان من بين العوامل المحفزة للتنظيمات الإرهابية لاستقطاب المتطرفين وتنظيم صفوفهم وبناء تشكيلاتهم العسكرية وتكوين الخلايا
النائمة في السودان، اندلاع أزمة دارفور في بدايات عام 2003 التي انتهت آنذاك باستقدام قوات حفظ السلام والقوات الأممية اليوناميد (UNAMID) واليوناميتس (UNITAMS).
خلية منطقة السلمة جنوب الخرطوم 2007:
عام 2007، كشفت الأجهزة الأمنية عن خلية قوامها أكثر من (40) مقاتلاً تتخذ من منزل بحي السلمة جنوبي الخرطوم وكراً للتخطيط لاستهداف بعض السفارات الأجنبية، ومقرات البعثات الدبلوماسية، وأماكن وجود القوات الأممية في كل من الخرطوم ودارفور. ألقت السلطات الأمنية القبض على الخلية وأودعت جميع أفرادها السجون، فيما عثرت الأجهزة الأمنية على مواد متفجرة، وأسلحة وممرات خرسانية معدة لتخزين السلاح والذخيرة ومصنع للمتفجرات والعبوات الناسفة.
اغتيال الدبلوماسي الأميركي جون غرانفيل 2008:
في مطلع عام 2008 اغتيل الديبلوماسي الأميركي جون غرانفيل، وهرب منفذو الجريمة إلى الصومال، والتحقوا هناك بصفوف حركة شباب المجاهدين.
ظهور السلفية الراديكالية:
بعد حركة الاحتجاجات التي شهدتها دول عربية، ارتفع صوت تيار الصحوة “السروري” وظهرت بصورة “إرهابية” واضحة معلنةً عن نفسها، وتبنت استهدافها لمقر السفارة الأميركية بضاحية سوبا جنوبي الخرطوم والسفارة الألمانية بوسط الخرطوم، على خلفية ظهور الفيلم المسيء للنبي (صلى الله عليه وسلم) في العامين 2012 و2013.
خلية الدندر الإرهابية 2012:
تمكنت السلطات الأمنية من القبض على خلية إرهابية متشددة عرفت باسم خلية “الدندر” كانت قد اتخذت من محمية الدندر الواقعة قرب الحدود مع إثيوبيا مكانا للتدريب العسكري، والإعداد لتفويج مقاتليها إلى الصومال وليبيا والعراق وسوريا ومالي.
الطلاب المتطرفون (2014-2018):
نجحت القاعدة وداعش في استقطاب طلبة في عدد من الجامعات السودانية، بالإضافة إلى طلبة سودانيين يدرسون في بريطانيا، فقدموا لهم البيعة، معلنين خروجهم من البلاد والتحاقهم بجبهات القتال في سوريا والعراق وليبيا، في الفترة من 2014 وحتى 2018.
رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب 2020:
مع اقتراب 2020 من إسدال ستاره على أيام حُبلى بأحداث مثقلة فاقمها فيروس كورونا، شهد العام نفسه انفراجة بإزالة اسم السودان من اللائحة الأميركية السوداء، وبدأت رحلة السودان للتخلص من القائمة السوداء، فور عزل نظام البشير بثورة شعبية في 6 أبريل (نيسان) 2019، عندها عدلت الولايات المتحدة موقفها تجاه الخرطوم وأصبحت تتعاطى معها بشكل إيجابي، وصولا لتحسن العلاقات الثنائية، وبعد محادثات سرية وعلنية بين الخرطوم وواشنطن، أعلن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترمب في أكتوبر (تشرين الأول) 2020، بأنه قرر حذف اسم بلادهم من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بعد توصل الحكومة الانتقالية لتسوية مع عائلات ضحايا سفارتي بلاده بنيروبي ودار السلام.
وقضت التسوية بأن تدفع حكومة الخرطوم لهذه العائلات مبلغ (335) مليون دولار، على أن يتم إيداع المبلغ في حساب محايد لحين صدور قانون “الحصانات السيادية” من الكونجرس، والذي يمنع ملاحقة السودان بقضايا إرهاب سابقة ومستقبلا.
وفي منتصف عام 2021 أكدت الإدارة الأميركية خروج السودان رسميا من قائمتها للدول الراعية للإرهاب، بعد انقضاء فترة إخطار الكونجرس بقرار رفع السودان من قائمة الإرهاب البالغة (45) يوما، وبحسب مراقبين، فإن خروج السودان من قائمة الإرهاب المدرج بها منذ عام 1993، يمثل أهم الإشراقات لعام 2020، لكونه سينهي العزلة الدولية للبلاد ويعيدها للبيت العالمي من واقع الفوائد التي يتيحها القرار الأميركي، وتكتسب مغادرة السودان لقائمة الإرهاب أهميتها من واقع الأضرار الجسيمة التي تركتها في البلاد خلال الـ(27) عاما الماضية، إذ بلغت الخسائر المادية للخرطوم من هذا الحظر (400) مليار دولار، وفق إحصائية حكومية، وقد تسببت القائمة التي أتت بفضل الممارسات الإرهابية لنظام الإنقاذ البائد، في عزلة اقتصادية وسياسية كبيرة؛ إذ أوقفت التعاملات المصرفية، وحرمت البلاد من برامج التمويل التنموي وإعفاء الديون.
عمليات ضاحية جبرة جنوب الخرطوم سبتمبر (أيلول) 2021:
فوجئ سكان ضاحية جبرة جنوبي العاصمة السودانية الخرطوم نهار يوم الثلاثاء 28 سبتمبر (أيلول) 2021 بعد سماع أصوات عالية من الرصاص وعمليات تبادل إطلاق نار استمرت لقرابة الساعة، اتضح لاحقاً أن قوة من جهاز المخابرات العامة السودانية حاولت اقتحام بناية تقطنها خلية متطرفة تنتمي لداعش، وأن عملية المداهمة أسفرت عن مقتل (5) من منسوبي جهاز المخابرات العامة خلال المواجهة غير المتكافئة بين القوة النظامية التابعة لجهاز المخابرات العامة وعناصر الخلية المكونة من (4) أفراد: رجلين وامرأتين من جنسية مصرية، كانت تتسلح بمدافع القرنوف، والتي لاذت بالفرار، غير أن قوة أخرى لاحقت الهاربين، وتم القبض على كامل عناصر الخلية التي اتخذت من مربع (14) بحي جبرة مقراً لانطلاقة نشاطها الإرهابي، بتنسيق عال مع خلية أخرى تقطن بالقرب من الأولى في مربع (18) حي جبرة، والثالثة في ضاحية الأزهري جنوبي الخرطوم، وخلية رابعة في منطقة أركويت جنوبي الخرطوم، حيث تم القبض على جميع المتطرفين الذين يزيد عددهم عن العشرين عنصراً، بينهم صوماليون ومصريون وجنسيات أخرى لم يتم الإفصاح عن هوياتهم .
ووجد في مقرات هذه الخلايا أسلحة وأحزمة ناسفة وقنابل، وتلا هذه الحادثة واقعة مماثلة في الحي ذاته، وأسفرت الاشتباكات المسلحة -للمرة الثانية– عن وقوع قتلى وجرحى من الجانبين، الأمر الذي يحمل عدداً من المؤشرات، من بينها أن السودان الذي خرج للتو من لائحة الدول الراعية والداعمة للإرهاب، بات مرشحا للدخول مرة أخرى في دوائر وبؤر التوتر، وتحوله لنقطة ساخنة ومنطقة مشتعلة تمهد لانزلاقه في مستنقع الإرهاب والصراعات الطائفية والتطرف الديني، عبر صعود نشاط المتطرفين وتخطيطهم لتنفيذ أعمالهم الإرهابية وبداية تنفيذ سلسلة التفخيخ والتفجيرات التي قد تقود السودان نحو السيناريوهات السوداء والمظلمة، كما هو الحال في عدد من بلدان العالم العربي والأفريقي، حيث بدا واضحاً ووفق ما تسرب من معلومات أن هذه التشكيلات المسلحة كانت تخطط لتنفيذ أعمال إرهابية في عدد من مناطق الخرطوم، تتزامن مع الاحتفالات برأس السنة الميلادية وأعياد الكريسماس، ومع مظاهر الوجود الأجنبي في مستوياته العسكرية، كالقوات الأممية وحفظ السلام، والمدنية كالسفارات والبعثات الدبلوماسية ومنظمات الإغاثة العالمية، التي تحتفل بهذه الأعياد مطلع العام الميلادي في الحدائق والفنادق والأندية وصالات الأفراح ومقراتها المغلقة بالخرطوم.
عناصر بوكو حرام في قلب دارفور 2021:
ألقت السلطات السودانية في عام 2021 القبض على خلية إرهابية مكونة من عناصر مسلحة كانت تتخذ من دارفور مسرحاً لنشاطها، حيث تكشّف أن أفراد الخلية الإرهابية من جنسيات تشادية ونيجيرية ينتمون لتنظيم بوكو حرام الإرهابي، قدموا من بحيرة تشاد واخترقوا الحدود السودانية عبر دارفور التي اتخذوها مقراً لهم.
خلية منطقة الحاج يوسف 2021:
داهمت قوات الشرطة السودانية مخبأ بمنطقة الحاج يوسف بشرق النيل بالعاصمة الخرطوم، يحتوي على متفجرات ومفرقعات وعبوات ناسفة شديدة الاشتعال، بالإضافة لأسلحة وذخائر ومهمات عسكرية، وأسفرت عن اعتقال بعض أفرادها.
خلية إرهابية للقاعدة بالخرطوم 2021:
قالت قوات الدعم السريع وبصورة دعائية واسعة النطاق: إنها وبالتنسيق مع النيابة العامة السودانية، وضعت يدها علي متفجرات خطيرة “نترات الأمونيوم” كافية لتفجير الخرطوم، على النحو الذي حدث في مرفأ بيروت بلبنان، وفيما بعد قالت النيابة العامة: إنها تحتفظ بعناصر خلية إرهابية بالخرطوم مكونة من (9) أفراد ينتمون لتنظيم القاعدة، كانت تنوي تنفيذ أعمال إرهابية، وإن عناصر هذه المجموعة يحملون جوازات سفر سورية من أصل تونسي، وتشاديين أحدهم متهم بالتخطيط للهجوم على السيّاح الأجانب في مدينة سوسة التونسية، ومطلوب لدى تونس وظل ملاحقاً عدة سنوات، وإن التحقيقات أظهرت أن المعتقلين متهمون في بلدانهم بالضلوع في جرائم إرهابية، وإن الخلية وفدت للبلاد عن طريق التهريب وتلقت تدريبات عسكرية متقدمة، وتخطط لاستهداف بعض بلدان الخليج العربي، وإن الإمارات تقدمت بطلب للحكومة السودانية لتسليمها عناصر هذه الخلية. ويعد هذا هو الإعلان الثاني للنيابة العامة، والتي سبق وأن دوّنت دعوى جنائية في مواجهة عناصر “خلية إرهابية” من جنسيات مصرية كانت تخطط لتنفيذ تفجيرات في مدن سودانية.
الجهود الرسمية في مكافحة الإرهاب:
بدأ نشاط السودان الرسمي في مكافحة الإرهاب عندما أُطلق إعلان الخرطوم بشأن مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة في قمة منظمة اللإيقاد (IGAD) التي عقدت بالخرطوم عام 2002، متبنية أيضاً في قمة أديس أبابا عام 2003 خطة مكافحة الإرهاب في الإقليم بناء على مبادرة السودان، الذي أخطر الأمين العام للأمم المتحدة رسمياً بـ(إعلان الخرطوم) في مايو 2004. عكس إعلان الخرطوم جدية السودان في مكافحة الإرهاب، معززا الجهود الدولية لمكافحته.
كما وجد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لعقد مؤتمر دولي لتعريف الإرهاب تأييد السودان، وقرار قمة عدم الانحياز في ديربان عام 1998 بعقد مؤتمر دولي عالي المستوى لإعداد رد منظم للمجتمع الدولي على ظاهرة الإرهاب، مع ضرورة العمل على تنسيق هذه الجهود وتوحيدها للوصول للهدف المشترك وهو القضاء على الإرهاب الدولي.
التزم السودان باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية وبرتوكولاتها، التي أكدت الحاجة العاجلة للتعاون والمساعدة التقنية والمادية من أجل مراقبة الحدود بين الدول الأعضاء في الهيئة الحكومية الدولية، وأكدت التعاون في مجال تبادل المعلومات المتعلقة بالإرهاب والجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية، علاوة على المساعدة القانونية فيما يتعلق بتسليم المجرمين والتعاون في مجال التحقيقات.
لم تقف جهود السودان في مجال مكافحة الإرهاب عند حد المصادقة على الاتفاقيات وكلمات الاستنكار، بل ذهب إلى أبعد من ذلك باتخاذ إجراءات فعلية لمكافحة الإرهاب، فكان أن قام خلال مايو (أيار) 2003 بتسليم عددٍ من المشتبه بتورطهم في أعمال إرهابية، كانت الأجهزة المختصة قد ألقت القبض عليهم، وقبلها في فبراير (شباط) من العام ذاته سلم السودان للسعودية أحد المتهمين بعد اتّهامه باختطاف طائرة ركاب، وذلك في إطار التعاون القضائي الذي تنظمه الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب لسنة 1998، كما قام قبل ذلك بتسليم مختطفي طائرة إثيوبية وفقًا لاتفاقية ثنائية تقضي بتسليم المجرمين بين البلدين، وقامت الحكومة بمراجعة القوانين من أجل حماية البلاد من الإرهاب، وذلك بعد أن أكمل توقيعه على كل الاتفاقيات التي تهدف لمكافحة الإرهاب، فكان أن تم تشديد العقوبات على كل الجرائم الإرهابية أو المتعلقة بالإرهاب، لتشمل الاستيلاء على الأموال والمعدات المستخدمة في الجرائم الإرهابية، ومصادرتها والإبعاد وإنهاء الإقامة بالنسبة للأجانب، والعقاب الذي يندرج بين السجن لفترات متفاوتة تصل إلى عشرين عاماً، أو السجن المؤبد (حسب حجم الجريمة المرتكبة) أو الغرامة أو العقوبتين معاً، تصل في بعض الحالات إلى الإعدام وفق نصوص قانون مكافحة الإرهاب في السودان.
الجهود الحديثة بعد قيام الثورة (2019-2022):
وجه مجلس الوزراء السوداني في أكتوبر (تشرين الأول) 2012، الجهات المعنية إلى وضع استراتيجية لتنظيم الوجود الأجنبي على خلفية اشتباكات دموية بين قوات الأمن وخلايا إرهابية في العاصمة الخرطوم.
وفي يناير (كانون الثاني) 2022 أعرب مجلس الأمن والدفاع السوداني عن أسفه على الفوضى التي نتجت من جراء الخروج عن شرعية التظاهر السلمي واتباع منهج العنف، معلناً عن تأسيس قوة خاصة لمكافحة الإرهاب لمجابهة التهديدات المحتملة.
وفي سبتمبر (أيلول) 2022 قدّم رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان خطاب السودان أمام أعمال الدورة (77) للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، وقد أكد في الخطاب أن السودان بذل جهداً كبيراً في مجال مكافحة الإرهاب والاتجار بالبشر والجريمة العابرة للحدود والجريمة المنظمة، وظل السودان يتعاون مع كافة الدول والمنظمات المعنية في هذا الصدد.
خاتمة:
بالرغم من غياب الإسلامويين عن المشهد السياسي السوداني بعد أبريل (نيسان) 2019، وبالتالي انكشاف الغطاء الذي كانت توفره بعض دوائر حكم الإنقاذ للتنظيمات الإرهابية في السودان، ومع ذلك لا يزال خطر الإرهاب في السودان والدول المجاورة له قائماً ومحتملاً. بل يمكن القول: إن المرحلة الحالية التي يعيشها السودان هي المرحلة الأكثر خطورة في نشاط التنظيمات الإرهابية؛ تتمثل في حالة التلازم بين العوامل المحفزة التي تشكّل مخلفات وحمولات الإنقاذ خلال حكم المؤتمر الوطني مع العوامل الكامنة التي أفرزتها المرحلة التي أعقبت نجاح ثورة ديسمبر (كانون الأول) في إسقاط نظام البشير، ولكنها فشلت في تشكيل نظام سياسي مستقر.
في ظل البيئات المتأزمة التي تخلق واقعاً جديداً تتهيأ فيه البلاد لتكون نقطة ساخنة وبؤرة مشتعلة في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها السودان، وما تعانيه من أزمات واضطرابات تقود للفوضى الشاملة، مما يجعلها ملاذاً آمناً لاستقطاب وجذب المتطرفين وساحة لنشاطهم الهدام وعرضة للعمليات الإرهابية.