دبي
يتناول الكتاب المسبار قضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيالمجتمعات الإسلامية المعاصرة، آخذاً بالاعتبار بداياتها التاريخيةوإطارها الفقهي والديني. تأتي أهمية الموضوع المدروس فيالوقت الراهن من تنامي الممارسات القمعية والرقابية، التي تلجأإليها الحركات الإسلامية بأطرافها السياسية والسلفية والجهاديةتحت شعار تطبيق «الحسبة الشرعية» التي تتعارض بشكلواضح مع مدنية الدولة الحديثة والقوانين الوضعية الناظمة للعلاقةبين الأفراد والجماعات.
الإسلاميون.. الفشل في امتحان الحريات الفردية
تستقصي الأكاديمية والباحثة التونسية آمال قرامي طريقة تعاملعدد من الحركات الإسلامية مع ملفّ الحرّيات الشخصيّة من خلالتعريف أبرز الحركات الإسلامية (النهضة، حزب الحرية والعدالة،حزب النور، حزب العدالة والتنمية…) لها. وتحاول من خلالدراستها المستفيضة الإجابة عن أسئلة صعبة من بينها: كيفوظّف عدد من السياسيين الإسلاميين ملفّ الحريات الشخصيةفي الخطاب السياسي؟ وإلى أي مدى كانت القوى الإسلاميةالحاكمة راعية للحرّيات الشخصية، وفق ما تقتضيه ثقافة المواطنةوالتربية على حقوق الإنسان من أسس، وما تتطلّبه شروط الانتقالالديمقراطي من التزام بالنصوص القانونية والمعاهدات والاتفاقياتالدولية وغيرها؟ وما العوامل التي جعلت مختلف الحركاتالإسلامية تجد عسراً في احترام الحريات الشخصية، وتعيد إحياءميراث من “التجسس” على حيوات الناس من منطلق الأمربالمعروف والنهي عن المنكر، وتفعيل قوانين الحسبة؟ وما الدورالذي اضطلعت به مختلف قوى المجتمع المدني، وخصوصاًالجمعيات النسائيّة والمنظمات الحقوقيّة، من أجل الحدّ منالانتهاكات والدفاع عن الحريات؟
وتختم قرامي باستنتاج أن مرحلة الانتقال الديمقراطي والتحولاتالإقليمية الأخيرة مثّلت فرصة لبعض الأحزاب ذات المرجعيةالإسلامية، حتى تقوم بالاختبار الذاتي لقدرتها على الحكم. بيدأنّ غياب الرؤية العميقة لمفهوم الديمقراطية وفلسفتها، أدى إلىإرباك في مستوى إدارة الإسلاميين ملف الحريات، وفشلهم فيإزالة التناقضات بين الرؤية الإسلامية للعلاقة بين الدين والسياسةوالمجتمع، وشروط النظام الديمقراطي وموقع الحريات فيه. وعلاوةعلى غياب المراجعات، لم يدرك الإسلاميون أنّ الفضاء العموميالديمقراطي يجب أن يتحول إلى فضاء للحوار والتواصل والتنوع،بل أصروا على أن يكون فضاء لعرض الذات المؤمنة بالتنميطوأسلمة المجتمع بالقوة. كما أنّ الإسلاميين رفضوا أن يكون الفردهو الغاية والمركز، ورأوا أنّه وسيلة وأداة لتحقيق الأسلمة، ولم يتوانهؤلاء عن ربط السياسة بالدين والنزعة “الأخلاقوية“.
وهكذا فوّت الإسلاميون، على المجتمعات المعاصرة، فرصة توسيعهوامش الحريات، وتكريس الحقّ في الاختلاف، باعتبارهمايشكلان شرطين أساسيين لتحقيق الديمقراطية الفعليّة التي تقومعلى الاعتراف المتبادل بين الفاعلين السياسيين، وترسيخ دولةالقانون التي توفّر للفرد كلّ الظروف التي تمكّنه من تحقيق ذاته.
من حسبة الدولة إلى شرطة الجماعة: الأمر بالمعروفوالنهي عن المنكر لدى إخوان مصر
يوضح الكاتب والباحث المصري في علم الاجتماع السياسي عمار علي حسن في دراسته المشتركات والفوارق بين رؤية الحسبة لدىالإخوان وغيرهم من التيارات الإسلامية، ويدرس من خلالها حالةالإخوان في مصر، بدءا من زمن “الصبر” حين كانوا طريديالعدالة والدولة، وانتهاء بدورهم في مرحلة” التمكن” ما بعد ثورة2011 عندما فازوا بالانتخابات الرئاسية وتسيدوا المجالسالتشريعية المنتخبة. وفي محاولة للإجابة عن السؤال: ماذا كانسيفعل الإخوان في “الحسبة” لو بقوا في السلطة؟ يرى الباحثأنه لم يكن يُتوقع أن يتبنى الإخوان قضية الحسبة بصيغتهاالموجودة في القاموس الوسيط، إن تمكنوا تماماً من الأمر، بل ربمايطلقونها مبثوثة في قوانين ولوائح ضبط، تنساب تدريجياً فيأوصال العملية التشريعية التي تنتجها مؤسسات الدولة المعنيةبصناعة التشريع في البرلمان ومجلس الدولة ووزارة العدل، إلىجانب ما لرئيس الجمهورية من حق في إصدار القوانين.
جماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مصر
تتعقب الدراسة الأكاديمي المصري المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية: كمال حبيب نشأة وظهور الجماعاتالإسلامية المصرية، التي اتخذت من مبدأ الأمر بالمعروف والنهيعن المنكر منهجاً وأساساً لحركتها وسلوكها في المجتمع، وتعمدإلى تحديد واضح ومحدد لما تقصده بجماعات الأمر بالمعروفوالنهي عن المنكر، بحيث يميز تلك الجماعات عمّا قد يخالطها منجماعات أخرى لها مناهج وأساليب مختلفة، وتحاول أن تشرحالأسباب والسياقات التي تظهر فيها جماعات الأمر بالمعروفوالنهي عن المنكر. ثم تنتهي إلى التعبيرات الحركية لجماعاتالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الحالة المصرية، بدءاً منالجماعة الإسلامية وانتهاء بما أطلقت عليه التعبيرات الفردية لمبدأالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأخيراً ظهور جماعات الأمربالمعروف والنهي عن المنكر بعد الثورة.
وضمن استعراضه لجماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيالحالة المصرية، يرى حبيب أن هناك أربعة أمثلة صارخة لمحاولاتلإنشاء هيئة “احتسابية” من قبل إسلاميين وتيارات تجمعهم:
1-الجماعة الإسلامية المصرية.
2-يوسف البدري وتأسيسه جماعة الأمر بالمعروف والنهي عنالمنكر.
3-عبدالله السماوي وقضية حرق محال الفيديو.
4-محاولات فردية للتعبير عن الأمر بالمعروف والنهي عنالمنكر:
كانت جماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الحالةالمصرية أقرب إلى التعبيرات العشوائية والفردية، أكثر منهاتأسيساً لتيار يمتلك فرصة التفاوض مع الدولة للقبول به، أو يمتلكالقدرة على إقناع المجتمع بوجوده، كما أن طبيعة الدولة المصريةالمستلهمة لمفاهيم الدولة القومية، التي ترفض أن يحتكر خططها أووظائفها إلا من تسمح له الدولة بذلك، حالت بين تلك الجماعاتوقدرتها على نيل المشروعية، ومن ثم ظلت خطط الدولة ومؤسساتهاتنظر إلى تلك الجماعات بعين الشك والارتياب، ومن ثم الرفضوالمنع والمقاومة التي لا تقبل الشراكة.
فتاوى المحتسبين المعاصرين
تدلل الباحثة الأردنية نادية سعد الدين من خلال الأمثلة على وجود انخراط “احتسابي” كثيف في مضمار الفتوى الدينية، صوب إصدار “المراسيم” الحياتية والسياسية المتمايزة، مما خلف “سيولة” فتاوى، يصل بعضها حد التضاد، وأحياناً الغرائبية، التي قد تلحق ضرراً، وليس نفعاً مرتجى، بالمجتمعات الإسلامية.
وتطرح سعد الدين اشتغال حركة الاحتساب تلك في ما أنيط إلى دور الإفتاء وفئة كبار العلماء والفقهاء، سواء أكانت “هيئات” مرتبطة رسمياً بجهاز الدولة، التنفيذي، كالحال في المملكة العربية السعودية وإيران (التي يختلف الوضع فيها)، والبرلماني، مثل الكويت، أم تعد حالات “فردية” مستحدثة غير رسمية بعيدة عن إشراف الدولة ورقابتها، مثل تونس ومصر، مقابل أخرى خارجة عن السياق، كتلك التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، مما يحيل على إشكاليات منهجية وتأصيلية معتبرة، خصوصا عندما تتخذ “الفتوى”، عند مطلقيها، ثيمة الإلزامية الموازية للنص القانوني الصادر عن السلطة التشريعية في الدولة.
ثمة إشكالية مزدوجة تصيب المتصدين للإفتاء عند غياب متطلبات الأهلية، وتطال كيفية قراءة النص الديني وفهمه وتفسيره بعيداً عن الواقع المعيش، ومن دون الأخذ بالظروف المحيطة به و”المتغيرات التي تدخل في صميم معناه الظاهر ونظامه الدلالي الذي يولد مدلوله”، وتلك إشكالية ذات جذور تاريخية عريقة في التراث الإسلامي تصيب العلاقة بين المقدس والدنيوي.
تلك الأرضية الفكرية مثلت منبعاً تطرفياً خصباً، مع بروز ظاهرة “الإسلام القطبي” استلالاً لأطروحات سيد قطب المجملة في كتابه “معالم في الطريق، مما أثار ردوداً مضادة من قلب مؤسسته: جماعة “الإخوان المسلمين”، من دون أن يمنع ذلك تنامي التيار الإخواني “القطبي”، بعدما ترسخ في المنظومة العقائدية لبعض قياديي الجماعة ومريديهم، فخرجوا عنها ومنها لاحقاً، ليشكلوا أطرهم الخاصة أو يلتحقوا بحركات ناشئة أخرى ذات منابع فقهية مشابهة في اشتراكها في الأخذ بالمنهج النصوصي والتكفيري و”الحاكمية لله“.
تشير الباحثة إلى مرحلة ثمانينيات القرن المنصرم التي شهدت نزوعاً سلفياً متشدداً، وغير مسبوق، ومن ثم، منها ولاحقاً، التسعينيات وما بعدها، قياماً لبعض الحركات الإسلامية العنيفة بإجراء مراجعة جذرية لأفكارها، مثل “الجماعة الإسلامية” وتنظيم “الجهاد”، مقابل إسلام سلفي يختزن قابلية للاعتدال السلوكي والعقائدي، وتيار سلفي جهادي تكفيري يرفض الأنظمة الحاكمة ويقطع بعدم شرعيتها ويدعو لمقاومتها وإزالتها.
وترى سعد الدين أن بعض “الفتاوى”، المفتقرة للتأصيل الشرعي أو ذات الدوافع السياسية، باتت تأخذ مكانها الوافر، لا سيما عبر وسائل التواصل الاجتماعي وشاشات القنوات الفضائية، وأن من خلال فوضى “الفتاوى” اللامتناهية؛ يقع الإضرار الأكبر على المجتمعات الإسلامية المتلقية لسيل الفهم الخاطئ للدين وتحميل النص بما لا يحتمل، مما يثير البلبلة والقلاقل، ويضلل الأجيال، ويخلق الفتن والاضطرابات، التي تصل -أحياناً- حد “التكفير”، فضلاً عن تسويغ جرائم العنف والتطرف باسم التوظيف الديني.
وفي فصل بعنوان (“الفتاوى” وإرهاصات مجتمعية) تبرز الباحثة تاريخ الانتقادات ضد هيئة “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” في السعودية، بسبب الفتاوى الخارجة من المنتسبين إليها التي تقوم محل هيئة كبار العلماء، التي يفترض أن تختص بالإفتاء والتشريع في الممكلة، قبل أن يصل الانتقاد المتعلق بالهيكلية الوظيفية لمهام الهيئة، عند الخروج من حيز عملها نحو إعطاء نفسها سلطة تشريع القاعدة القانونية وتطبيقها معاً. وتشرح الكاتبة كيف يمكن لفتاوى الهيئة أن تكون مضرة بالاقتصاد الوطني السعودي، وخصوصا قطاع السياحة، بل إنها تمتد، سلباً، إلى دوره الإيجابي المؤثر في تحريك عجلة التنمية بالخدمات العامة، مثل وسائل النقل والاتصالات وغيرها، وقطع “رزق” آلاف من السعوديين، مع عوائلهم، العاملين في هذا الحقل.
في فصل آخر تناقش النسختين الكويتية والتونسية من الهيئة سالفة الذكر. ففي الكويت، يشكل التيار السلفي هناك الضامن لدور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الغالب، وهو يستقي ثوابته من فتاوى مشايخ السعودية بشكل خاص، ويتحرك التيار من تمثيله البرلماني لإضافة التشريعات التي يمكن إذا حظيت بالموافقة أن تضمن تطبيق الفتاوى تلك، فيما بقيت سعودية الفتاوى حاضرة على الرغم من تواتر نداءات، من عقر البيت السلفي نفسه والتيار الإسلامي عامة في الكويت، تطالب “بمحلية” الفتوى. لكن، وعلى الرغم من اتساع مساحة الديمقراطية التي تشهدها البلاد؛ يصر السلفيون على اجتهاداتهم القائلة بوجوب طاعة الحاكم ومبدأ المناصحة السرية لولي الأمر، ويتمسكون برؤاهم الرافضة لمظاهر الاحتجاج والتظاهر السلمي للتعبير عن الحقوق؛ خشية إثارة الاضطرابات والفوضى. وفيما يفتي هؤلاء بتحريم المشاركة الحزبية، فإنهم يناقضون ذلك بخوض الانتخابات البرلمانية عبر التكتلات التي توافقهم فكريا، وهم مصرون على تحريم الاختلاط دون نجاح في تمرير هذا التحريم عبر مجلس الأمة. أما في تونس فواكب ظهور الهيئة ثورة تونس التي نجحت عام 2011 في إسقاط ابن علي، ليصعد من خلالها تيار الإسلاميين، ودور هذه الهيئة تقوده “الجمعية الوسطية للتوعية والإصلاح” غير الحكومية، دون أن تتمكن من فرض أجندتها.
وفي فصل عن الفتاوى الدينية السياسية، تطرح الكاتبة مثال الهيئة في إيران، الذي يستمد سلطته الداخلية من نص المادة الثامنة من الدستور الإيراني، الذي يحض على الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بوصفه “مسؤولية جماعية ومتبادلة، على جميع الناس ممارستها بعضهم تجاه بعض، وتتحملها الحكومة أمام الناس، والناس أمام الحكومة، والقانون يعين شروط ذلك وحدوده وكيفيته”. بيد أن النظام الإيراني -حسب المذهب الشيعي- لا يترك أمر تفسير النصوص الدينية للمسلم العادي، إذ يتوجب على كل شيعي الالتزام بصرامة الآراء الدينية لمرجع ما، وهنا؛ فإن العلماء الدينيين للمجتمع الإسلامي، أو “العُلمَائية” (مؤسسات علماء الدين)، هم الأكثر أهلية لتأدية واجب قيادة الأمة نحو الإسلام، وبالتالي هم المنوطون وحدهم بالإفتاء ووضع أطر “الاحتساب“.
وفي فصل آخير تناقش الكاتبة فتاوى “داعش” وتؤيد أن احتساب التنظيم ما هو إلا مسوغ لإباحة سلوكه “المُغتصب” الذي بات منهجاً ثابتاً لديه، لكن الفتاوى المتعلقة بهدم الآثار عند التنظيم تنتقل من النزعة العدوانية الأصيلة لدى “داعش” بتدمير الإرث الحضاري التاريخي ضمن المناطق الخاضعة لسيطرته، إلى الجانب التجاري عبر سرقة القطع الأثرية التاريخية وتهريبها وبيعها في الأسواق بغية رفع إيراداته المالية.
الحسبة بعد الربيع العربي: رصد في تونس ومصر والمغرب
يرى الباحث التونسي في علم الاجتماع منذر بالضيافي أن من الظواهر التي رافقت الثورات العربية، في كل من تونس ومصر، سعي جماعات تنتسب إلى التيار الإسلامي -نعني هنا خصوصاً الجماعات السلفية- إلى بسط هيمنتها على الفضاءات العمومية، مستفيدة من ضعف مؤسسات الدولة، خصوصاً التي تقوم بدور الضبط الاجتماعي، فعمدوا لتعويضها، وهذا ما يفسر بروز “دوريات” تتكون من مجموعات منظمة وأحياناً بزي موحد، على شاكلة “شرطة دينية” قريبة أو تستنسخ “نظام الحسبة”، كتجربة تاريخية عرفها الاجتماع السياسي الإسلامي. وينطلق من اعتقاده بأن الثورات العربية في الدول الثلاث أعادت إنتاج نظام الحسبة ذلك، بصعود التيارات الدينية على أكتاف الثورات لتبدو أنها “دينية” وهي غير ذلك بالضرورة. ترافق هذا “التمدد الإسلاموي”، مع وجود محاولات تروم “أسلمة” المجتمع، من خلال السعي إلى استبدال النمط المجتمعي الذي كان سائداً قبل الثورة، وفرض واقع مجتمعي وثقافي جديد بالقوة، من خلال تشكيل “حملات” للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أخذت في كثير من الأحيان، شكل الجماعات المنظمة، التي ذكرتنا بنظام “الحسبة” الذي ساد خلال فترة من التاريخ الإسلامي.
يشير الباحث إلى أن هناك تضامنا حصل بين التيارين السلفي والإخواني في تلك الدول لتطبيق نظام الحسبة وتعميمه، حيث عمدوا إلى تحويل مطالب الحراك الثوري عن مساره الطبيعي، من مطالب بالعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة والحق في التشغيل، إلى المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية وإقامة “الدولة الإسلامية” وبالتالي “التمكين” للمشروع الإسلامي. ويستعرض الكاتب مجموعة من الأمثلة على الحسبة في كل من تونس ومصر والمغرب، ليخلص في الخاتمة إلى أن هذا التيار خطط للانقلاب على المجتمع والدولة القائمة، وذلك من خلال سياسة مرحلية، ترجمت من خلال الانتقال من “الدعوة” إلى “الجهاد”، من “الحسبة” إلى “الإرهاب”. فلقد كانت محاولات السلفيين ممنهجة ومخططاً لها، تستهدف تغيير النمط المجتمعي، تمهيداً للانقلاب على الدولة التي لا يعترفون بها أصلاً، مؤكدا أن الاحتساب المصري والتونسي فيه متشابهات كثيرة، أما المثال المغربي فتبقى له خصوصيته، إذ إن السلطات هناك نجحت -إلى حد كبير- في تهميش التيار السلفي وبالتالي تحييده. وبنوع من المقارنة، يقول الباحث المغربي محمد ضريف: “إن ثمة سلفيين يرغبون في تأسيس حزب سياسي والانخراط في العمل السياسي مثلما حدث في مصر؛ ويقف الأمر عند هذا الحد، فلم تسجل في المغرب ظاهرة قيام السلفيين باستعمال العنف المادي ضد خصومهم لفرض توجههم ومذهبهم“.
الشرطة والحسبة في تنظيم الدولة “داعش“.. الموصلأنموذجاً
يستدرك الباحث البحريني عباس ميرزا المرشد أن نظام الحسبةكان موجوداً منذ بداية العصر الأموي، وإن لم يكن يحمل لفظالحسبة، إنما دور المحتسب في تنظيم السوق كان موجوداً طوالالعصر الأموي، وقد نما النظام وتطور بما يوافق تطور قطاعالتجارة، والأسواق.
ويرى الباحث أن نجاح تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في فرضنفسه على أرض الواقع، وتمكنه من تطبيق ما يعرف بـ“إدارةالتوحش” هو ما جعله متفوقاً على التنظيمات الجهادية الأخرى،مستغلا الاضطراب الفقهي في تعريف الحسبة وتأطير دورهاالمجتمعي والسياسي.
ومن خلال دراسته لمرجع “داعش” لأبي بكر ناجي عن “إدارةالتوحش” يلخص الكاتب نظرة هذا المرجع للأنموذج المثالي لتلكالإدارة فيما يلي:
ولأن هذه المهمة تحتاج، وبشكل قسري، لبناء مجتمع منضبطسلوكياً وفكرياً بتعاليم المركز (تنظيم الدولة) فإن التطبيق كان فيحاجة إلى إبعاد فكرة السيطرة على المجال العمومي الحر، الذييعني مناقشة الأشخاص لشؤونهم السياسية والاجتماعية،واستبدال ذلك بمجال عمومي أحادي الرؤية وأحادي السلوك، حيثيلجأ تنظيم الدولة “داعش” لاستخدام تقنيات قهرية ودموية لفرضرؤيته.
ثم يفصل الباحث في توصيف آليات الاحتساب “الداعشي” بداءمن الوثائق التي تعلن عن المبادئ الأساسية للتنظيم وحكمه فيالمناطق التي يحتلها كـ“وثيقة المدينة” وبيانات مواقع التواصلالاجتماعي وتنفيذ الأحكام المعلنة في الإنترنت. وأشار إلى بيانحلب الذي فصل عقوبات وحدوداً واضحة لتنفيذ الحسبة، تتراوحبين القتل والرجم وقطع الأوصال والجلد والنفي من الأرض.
وفي فصل آخر تحدث المرشد عن جهاز الحسبة وتقنية الإكراه،وأشار فيه إلى أن لدى عناصر التنظيم والمؤيدين له تأسستسلطة متخيلة قوامها التماهي بين عناصرها والأوامر الإلهية أوالشريعة الإسلامية. وبدأت تفرض رؤيتها المتخيلة على جميعالأفراد عبر الترويج لفكرة استفرادها بتطبيق الشريعة الإسلاميةوأحكامها، والتعامل بمفاهيم سياسية خاصة أنتجتها السلطةالمتخيلة، تقوم على إلغاء الفوارق المعرفية والسياسية التي تنعدمفيها الحدود بين الدولة والأمة والخلافة، وتتلاشى الفوارق بين“الحاكمية الإلهية” وحاكمية التنظيم.
بعد ثلاثة أشهر من سيطرته على الموصل، قام التنظيم بتأسيس مايعرف بالشرطة الإسلامية، حيث أعلن تنظيم الدولة عن تشكيلشرطة إسلامية تابعة له في مدينة الموصل العراقية، تضم آلافاً منعناصره لحفظ الأمن وحماية أموال وأعراض المسلمين، والقبضعلى الجناة والمفسدين –بحسب قوله. ووصف التنظيم شرطتهالإسلامية بأنها مجموعة من الجُند يعتمد عليهم السلطان المسلمفي استتباب الأمن وحفظ النظام، والقبض على الجناة والمفسدين،وغيرها من الأعمال التي تكفُل سلامة المسلمين وطمأنينتهم،وأمنهم على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، كما يعتمد عليهم فيتنفيذ أوامر القضاء الشرعي. ولكي يعطي لهؤلاء شرعية مضاعفةتمزج بين شرعية الدولة والشرعية الدينية، أرفق بيان التنظيمتقريره عن “الشرطة الإسلامية” برؤية فقهية وتاريخية عبر سرديةتاريخية لنظام الشرطة أو “العسس“، يتجوّل أفراده في الشوارعبحثاً عما يسمّونه “المخالفات“، وهو –أيضا– جهة تنفيذية رقابيةفي الشارع، يقوم أفراده بالجلد، وتنفيذ العقوبات التي يصدرهاديوان القضاء، من أحكام القتل والجلد والصلب والرجم والرمي منالبنايات المرتفعة، والاعتقال. ومن يحصل على هذا المنصب يكونخارج دائرة المساءلة والمحاسبة. وقد دفعت تلك الممارسات الشرسةعديداً من أهالي القرى إلى الهجرة من مناطقهم؛ خوفا إما علىدينهم أو على أنفسهم.
“ديوان الحسبة” في “الموصل“: الاستبداد والترهيب
تقدم الباحثة العراقية رشا العقيدي صورة عن كيفية عمل الحسبةفي الموصل بعد احتلالها من قبل “داعش” وكيف تأسّست كدائرةنظامية “حديثة” ومصدر دخل مادي كبير للتنظيم الإرهابي،معتمدة في ذلك على شهود عيان ثقاة من الأقارب والمعارف،والمدونين النشطاء الذين يخاطرون بحياتهم لإيصال ما يقع منويلات ومآس في المدينة المنكوبة.
تشير العقيدي إلى أن الموصل لم تعرف الحسبة إبان حكم صدامحسين، إلى أن تمكنت “داعش” من السيطرة على جانبي الموصلبين الثامن والعاشر من يونيو (حزيران) 2014. حينها أعلنت عن“وثيقة المدينة” التي طرحت الباحثة أبرز ما فيها مع ذكر شهاداتحول آلية عمل الحسبة في الموصل بعد ذلك الإعلان، وملاحظاتعن وضع النساء تحت ظل تلك الحسبة حتى أمست أكثر النساءلا تغادر البيت لكثرة مضايقاتهم منذ ذلك الحين وحتى الآن، كماأبرزت الباحثة عددا من المخالفات التي اشتهرت الحسبة برصدهاوالتحرك ضدها:
ترى الباحثة أنّ ديوان الحسبة في الموصل التابع لما يسمّى “الدولةالإسلامية” ليسَ حسبة شكلية، بل نظام مؤسساتي يشكّل مصدرقوّة لـ“داعش” يعمد إلى ترهيب وإخافة السكّان، وأيضاً مصدردخل مادي للتنظيم الإرهابي، الذي كثيراً ما يدّعي على المدنيينلفرض غرامات مالية عليهم.
محاولات الحسبة في أوروبا
يسرد الباحث الإيطالي المتخصص في الحركات الإسلامية في أوروبا وأمريكا الشمالية: لورينزو فيدينو ظهور محاولاتللاحتساب في المجتمعات الأوروبية، ويعتبر أن تفسير الأمر بالغالتعقيد. لكن هذه المحاولات تنطلق من أن جميع الجماعاتالإسلامية في أوروبا، سواءً كانت عنيفة أمْ غير ذلك، تتبنى الرأيالقائل بأنّ المجتمعات الأوروبية مفلسة أخلاقياً –بحسب زعمه–،وأنه –على غرار المنظمات الإسلامية المحافظة– يشجّع الإسلاميونمسلمي أوروبا على السلوك المتوافق مع أحكام الشريعة، وإنْكانوا مقيمين في بلدان علمانية ذات غالبية غير مسلمة.
يرى الباحث أن هناك ثلاثة أنواع من الحسبة في أوروبا: المنظمة،التلقائية، ومجموعة من السلوكيات التي يمكن اعتبارها قريبة منالحسبة، ويستعرض عددا من الأمثلة على كل منها.
هناك سلوكيات قسرية يقوم بها بعض مسلمي أوروبا، مثل الزواجالإجباري و“جرائم الشرف” توصف بأنها جاءت بدافع الأفكارالمتطرفة، ويتم تصويرها على أنّها أفعال “الشرطة الأخلاقية“. يستمر الجدل –أيضاً– حول مدى تأثير الدافع الديني والمتطرّف أوالعوامل الثقافية، ولكن في كلتا الحالتين من الخطأ تعريف هذهالأفعال على أنّها “حسبة” (…). ظاهرة أخرى يصعب تصنيفهاهي “القصاص” بوازع ديني. في عديد من الأحياء السكنية ذاتالغالبية المسلمة في مدن أوروبية مختلفة، توجد ظاهرة تشكيلمجاميع “القصاص” التي تسعى إلى فرض النظام في الأحياءوجعلها خالية من الجريمة. معظم هذه المجاميع مكونة من شبابمسلمين من مرتادي المسجد نفسه. تختلف ديناميكيات هذهالظاهرة من مكان لآخر، وتجب دراسة كل حالة على حدة، ولكنفي معظم الحالات، فإنّ فرق القصاص تستهدف النشاطات غيرالقانونية وغير الأخلاقية.
ويرى الباحث أن هناك ممارسات لا يمكن بسهولة تصنيفها علىأنها حسبة، وأنها لا تتعدى كونها ادعاءات فارغة بقصد استقطابالإعلام، لكنه يقر –أيضا– بأنه ليسَ نادراً أنّ تصنّف خطأ بعضالحوادث الخاصة بالجالية المسلمة على أنّها “شرطة إسلامية” أو“فرض الشريعة” من دون وضعها في السياق المناسب الذييوضح كل الحقائق. تختلف أسباب هذا الخطأ بين السطحيةوالدوافع السياسية، ولكن معظم حالات العنف التي يقوم بهاالمسلمون، والتي تبين وازعاً دينياً واضحاً لا يمكن اعتبارهاحسبة.
يستنتج فيدينو أن هناك “حسبة” قائمة في غرب أوروبا، وهذايشكل مشكلة ثانية: الأولى، أنّ الضحايا المباشرين للحسبة فيأوروبا هم من مسلمي أوروبا، وأن هذه الحسبة يمكن أن تتسببفي ردة فعل ثانوية سلبية، حيث يستغل الانتهازيون حالاتالحسبة المؤكدة والمشتبه بها، لغرض الترويج لفكرة مفادها أنّجميع مسلمي أوروبا لا يرغبون في الاندماج، وأن من الحكمة أنْتتابع السلطات في أوروبا الظاهرة، وأنْ تتنبه إلى مؤشراتها.
نيجيريا: من الأمر بالمعروف إلى “بوكو حرام“… شهادة
يرى الباحث المغربي في العلاقات الدولية محمد بوبوش أن الإسلام في نيجيريا لم ينتشر على أيدي مبشّرين (دعاة) منظمين مرتبطين أصلاً بدولهم، على خلاف المسيحية التي اعتمدت في انتشارها أساساً على جهود المبشّرين المرتبطين بالدول الأوروبية المستعمرة، حيث بدأت الدعوة على أيدي التجار العرب في الشمال والشرق، وكذلك على أيدي مسلمين من ذوي الأصول الآسيوية في الجنوب والشرق، إلا أنها سرعان ما انتقلت إلى الشعوب الأفريقية نفسها؛ ليصبحوا هم رسل الدعوة الإسلامية في القارة بعد استيعابهم للإسلام. وتوجد طرق عدة وحركات إسلامية تقوم بمهمة الحسبة بشكل غير رسمي (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) إضافة إلى بعض الجمعيات والمؤسسات الخيرية الموجودة في شمال نيجيريا، كما توجد شرطة الأخلاق (الحسبة) التي أنشأتها الحكومات المحلية في شمال البلاد التي تطبق فيها الشريعة الإسلامية.
ويعزو الباحث انتشار الصحوة الإسلامية في تلك المنطقة إلى نجاح الثورة الإيرانية في استلام السلطة، مما يثبت –من وجهة نظره- عدم صحة الادعاء بأن حركات الإصلاح الإسلامية في أفريقيا تعتمد بالأساس على مرجعيات سنية وسلفية، مشيرا إلى تأثير الثورة الإيرانية بشكل واضح على كثير من الرؤى والأطروحات، بما فيها تلك التي تستند إلى مرجعيات صوفية، والتي نادت بتبني الأنموذج الإيراني.
ويرى بوبوش أن غياب الديمقراطية وانتشار الفساد في الواقع الأفريقي، بما يعنيه من انهيار أنموذج النهضة الأفريقية الذي ارتكز على أسس علمانية، أدى إلى ظهور رؤى إصلاحية جديدة في المجتمعات الإسلامية تعتمد على مرجعية دينية، ومهد لظهور حركات الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
قضية التطبيق أول ما بدأت في (زمفرا)، وكذلك في بقية الولايات، حتى أصبح التطبيق مرادفاً لتنفيذ الحدود، غير أن المسلمين بقيادة الدعاة وسائر الإسلاميين لا يرون اقتصار القضية على هذا، بل يريدون الانطلاق منها إلى أسلمة المجتمع، واستجاب لهم الولاة، فدخلت قضية التطبيق مجالات عدة، وإن كانت تختلف من ولاية إلى أخرى، كما يختلف مدى جدية الولاة بعضهم عن بعض.
يسرد الباحث الحركات الإسلامية النيجيرية الفاعلة في مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم يشرح مجالات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المختلفة، التي انطلقت نحوها تلك الجماعات والحركات، انتهاء إلى انبعاث حركة “بوكو حرام” التي تستخدم العنف كوسيلة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واستعرض الأسباب المباشرة وغير المباشرة لظهور مثل هذه الجماعة في نيجيريا، وفصّل في شرح المبررات لهذا العنف مع توضيح ملابسات صعود بوكو حرام تحديداً.
إن صعود جماعة بوكو حرام كان تعبيراً عن مجموعة من المشكلات المحلية المرتبطة بالواقع التاريخي والإثني والاقتصادي والسياسي في شمال نيجيريا، أكثر من كونه صراعاً دينياً أو مطالبة لجماعة بوكو حرام بتطبيق الشريعة الإسلامية في كل ولايات الشمال، بل إنه يعتبر محاولة لتأكيد الهوية الدينية لهذا الإقليم في ظل حالة التهميش الذي يعانيه سكان الإقليم الشمالي؛ والتي تعود إلى عقود خلت، إلا أن الأساليب التي اعتمدتها الحكومة النيجيرية في التعامل مع الصراعات الطائفية في مواجهة بوكو حرام، عكست حالة الضعف وسوء التخطيط التي تتسم بها الحكومة النيجيرية، مما زاد جماعة بوكو حرام إصراراً على مواصلة عملياتها ضد مؤسسات الحكم والكنائس، بل أعلنت تضامنها مع تنظيم القاعدة وانضمامها له لاحقاً، مما فتح مجالاً للتدخلات الخارجية، خصوصاً الأمريكية والأوروبية في شؤون نيجيريا، وفي إقليم غرب أفريقيا ككل.
يخلص بوبوش إلى أن كل الخطابات المتصفة بالإرهاب، ومنها خطاب جماعة بوكو حرام، نجد فيها أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ينتقل فيها إلى الجانب التطبيقي الحيوي للعنف. وهو عنف -بحسب الباحث- لا يمت للإسلام بصلة.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الفكر الإسلامي
يجري عضو هيئة التحرير في مركز المسبار إبراهيم أمين نمر قراءة في كتاب “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الفكرالإسلامي” لأستاذ في جامعة برنستون مايكل كوك. يشير نمر إلى أن المؤلف استند إلى القرآن الكريم والتفسير والأحاديث النبوية، وسيرة السلف، في تناول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مستحضراً المذاهب الفقهية كافة في دراسته لهذه الفريضة في الفكر الإسلامي.
قُسم الكتاب إلى خمسة أقسام في تسعة عشر فصلاً، جاء القسم الأول في أربعة فصول، الأول قُدِمت فيه السور القرآنية مجردة من تأويلات المفسرين ومن ثم التفاسير، فالأحاديث التي تناولته، وسير المسلمين الأوائل. القسم الثاني تناول فيه الحنابلة، ليبدأها في الفصل الخامس إذ يرى المؤلف أن الحنابلة الأوائل كانوا يميلون إلى الواقعي والخاص، وذلك في الوسط الذي تشكل فيه المذهب الحنبلي في بدايته، حيث يراه استثناء لرسم صورة صادقة عن تطبيق الفريضة في الحياة اليومية وفي بيئة تاريخية معينة، مورست فيها فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا بنحو منهجي ونظري فحسب. بمعنى آخر، يعتقد المؤلف أن جزءاً كبيراً من كتاباتهم في الفتاوى أُدرجت المسائل المتعلقة بها بنحو مقنع بوصفها مشكلات أنتجها واقع الحياة اليومية، وتشغل بال الناس في الحاضر. لذا يخصص في كتاباته ثلاثة فصول أخرى من القسم الثاني لتناول حنابلة بغداد، ودمشق، ونجد.
أما في القسم الثالث “المعتزلة والشيعة” فيخصص لكل من المعتزلة والزيدية والإمامية فصلاً. ويعالج القسم “الرابع”، رؤية الفرق والمدارس الأخرى “الحنفية، والشافعية، والمالكية، والإباضية، والغزالي، ونظرة الاستبصار في إسلام العصر الكلاسيكي لتلك الفريضة”، أما القسم الخامس والأخير فيدرس فيه العصر الحديث والتطورات الإسلامية في الإسلام السني والشيعة الإمامية، مقارناً بينهما. ويختتم الكتاب بإبراز بعض وجوه الشبه والاختلاف بين طرق النهي عن المنكر في الإسلام والثقافة الغربية المعاصرة