تمكنت الصومال عقب انتخاب الرئيس حسن شيخ محمود في 15 مايو (أيار) 2022، من تجاوز إحدى أزماتها السياسية، وأخطرها على البلاد بعد عام من التجاذبات السياسية والأمنية التي فرضت حالة من الفوضى في الشارع الصومالي. فمنذ اليوم الأول للرئيس محمود في السلطة، امتلأت الأجندة الرئاسية بالعديد من التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية، التي أثقلت كاهل البلاد لعقود ممتدة، إلا أن الحرب الصومالية على الإرهاب والتصدي لنفوذ حركة الشباب الصومالية المتنامي في ربوع البلاد، لا سيما في ولايات وسط وجنوب الصومال التي يمتلك فيها التنظيم قواعد للتمركز ومراكز للتدريب ومخازن أسلحة وذخائر، تتصدر أجندة أولويات الرئيس محمود؛ نظراً لتداعياتها السلبية سياسياً واقتصادياً وأمنياً على البلاد.
فعلى مدار عقود، تخوض الصومال حرباً دموية مع حركة الشباب الصومالية، التي تمكنت من التمدد والانتشار وبسط نفوذها في العديد من المناطق الصومالية، إلى أن باتت رقماً فعالاً ومؤثراً في مجريات الحياة السياسية والوضع الأمني في البلاد، بعد أن تمكنت من توظيف ما تواجهه الدولة الصومالية من تحديات وقصور؛ كضعف القدرات الأمنية والعسكرية للبلاد، وضعف التنسيق وتباعد الرؤى بين الحكومة المركزية والولايات الصومالية، ناهيك عما تعانيه الدولة من موجات جفاف وتصحر ناجمة عن تغير المناخ، أدت إلى نزوح نحو (760.000) شخص، ومعاناة ما يقرب من (40%) من السكان من خطر الجوع، هذا إلى جانب معاناة ما يقرب من (900) ألف شخص من نقص في الغذاء في مناطق تسيطر عليها حركة الشباب، ولا يمكن لمنظمات الإغاثة الوصول إليها[1]، تمكنت الحركة من توظيف تداعياتها من أجل تجنيد مزيد من العناصر الإرهابية قسرا وطوعا، لا سيما عقب ارتفاع أسعار المواد الغذائية بسبب الحرب في أوكرانيا؛ حيث إن (90%) من واردات البلاد من القمح تأتي من روسيا وأوكرانيا، وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة[2].
انطلاقاً مما سبق، تهدف الورقة إلى تناول تطورات الوضع الأمني في الصومال في سياق الحرب الشاملة على الإرهاب المعلنة منذ يوليو (تموز) 2022، عبر مناقشة الاستراتيجية الصومالية لمكافحة الإرهاب وما تتضمنه من أدوات وحققته من مكاسب ميدانية، وما اعتمدته حركة الشباب من تكتيكات قتالية للرد عليها، يليها طرح رؤية استشرافية للوضع الأمني في الصومال، في ضوء عدد من التحديات.
أولاً: المقاربة الصومالية الشاملة للحرب على الإرهاب
قدم الرئيس محمود في يوليو (تموز) 2022 استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب، تتجاوز في مضمونها وأدواتها الارتكان للمقاربة العسكرية بشكل كامل، وإنما تشمل مقاربات مالية وقضائية وفكرية وإعلامية؛ كسبيل لتحجيم نفوذ الحركة في ساحة المعركة وتجفيف مصادر تمويلها، إلى جانب مقاومتها فكرياً، مُشيراً (الرئيس محمود) إلى أن إدارته منفتحة على كافة البدائل في التعامل مع الحركة، بما في ذلك الحوار معها ولكن في الوقت المناسب. وتتكون المقاربة الشاملة للحرب على الإرهاب من الأبعاد والأدوات التالية:
1– تبني استراتيجية عسكرية هجومية بدلاً من الدفاعية: إن إعلان الرئيس الصومالي بدء “حرب شاملة” على حركة الشباب الصومالية، تطلب استبدال الاستراتيجية العسكرية للصومال في مكافحة الإرهاب من النهج الدفاعي لنظيره الهجومي، عبر إعداد وتنفيذ هجمات عسكرية استباقية، بدعم من الضربات الجوية الأميركية والدعم اللوجستي والمدفعي لقوة الاتحاد الأفريقي (أتميس)، من أجل تحقيق عدة أهداف، أولها: تصفية قيادات حركة الشباب بما يُساهم في شل حركة عناصرها، ثانيها: تدمير ثكناتها ومواقع تمركز عناصرها بما تتضمنه من مؤن وأسلحة وذخائر، بما يُساهم في تقييد حركة ونشاط العناصر الإرهابية، ثالثها: إنهاك عناصر الحركة عبر تنفيذ القوات الصومالية عدة عمليات عسكرية في أكثر من جبهة قتالية بشكل متزامن، مما يترتب عليه استنفاد قدرات حركة الشباب على المدى القريب والمتوسط، رابعها: إدخال الشكوك في نفوس عناصر الحركة حول نفوذ ومدى تماسك الحركة، قد ينجم عنه انقسام الحركة وانشقاق عدد من مقاتليها عنها، أو ارتفاع عدد المستلمين للجيش الصومالي، وهو ما تطلب دعوة الرئيس الصومالي في 12 سبتمبر (أيلول) 2022 لعامة المواطنين القاطنين في مناطق خاضعة تحت سيطرة الحركة، لمغادرة هذه المناطق حتى لا يقعوا في مرمى الغارات الجوية والهجمات العسكرية[3].
في هذا الصدد، نجح الجيش الصومالي في تدمير المركز المالي لحركة الشباب في بلدة مبارك بمنطقة شبيلي السفلى بولاية جنوب غرب الصومال في 9 أغسطس (آب) 2022، وإصابة (20) عنصراً إرهابياً، وتحرير عدة رهائن[4]. وفي 11 سبتمبر (أيلول) 2022، تمكنت القوات الصومالية من تحرير (20) بلدة صومالية من سيطرة حركة الشباب في ولايتي هيرشابيل وغالمودوغ وجنوب غرب الصومال في وسط وجنوب الصومال، ومقتل أكثر من (100) إرهابي[5].
شكل (1) خريطة الصومال
وفي 6 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، تمكنت القوات الصومالية من استهداف (21) عنصراً من إرهابيي الحركة في قرية “جالكا ساليمو” في محافظة شبيلي السفلى في جنوب الصومال، بعد أن تلقى جهاز المخابرات الصومالي معلومات تفيد باستعداد عناصر الحركة لمهاجمة سكان القرية[6]، تبعها تنفيذ القوات الصومالية عمليتين عسكريتين في وسط البلاد، أسفرت إحداهما عن مقتل (50) إرهابياً في منطقة “عيل جروف” بإقليم “جلجدود”، في حين أسفرت العملية العسكرية الأخرى عن مقتل (47) إرهابياً في بلدة “البصرة” الواقعة قرب مدينة بلعد بمحافظة شبيلي الوسطى جنوب غرب العاصمة مقديشو[7].
يُضاف إلى ذلك، أن القوات الصومالية تمكنت في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 من استعادة السيطرة على منطقة “وبحو” التابعة لمحافظة “غلغدود”، التي ظلت لأكثر من (15) عاماً المعقل الرئيس للحركة، وتحرير قرى “ورحولي”، و”عيل بوري”، و”عيل غرف” بولاية “غلمدغ” وسط البلاد[8]. وفي 26 نوفمبر (تشرين الثاني)، نفذ الجيش الصومالي عملية عسكرية في مدينة عيل طيري الواقعة في الحد الفاصل بين محافظتي هيران وشبيلي الوسطى في جنوب الصومال، استهدفت تجمعا لنحو (200) عنصر من حركة الشباب، بينهم (12) قياديا، أسفرت عن مقتل (100) إرهابي، من بينهم (10) قيادات بارزة[9]، خسرت على إثرها حركة الشباب نحو (30%) من مداخيلها حتى نوفمبر (تشرين الثاني) 2022[10].
2- المواجهة الفكرية والإعلامية: في خطوة غير معهودة أثارت العديد من التساؤلات حول صوابها ومخاطرها المحتملة، عين رئيس الوزراء الصومالي “حمزة عبدي بري” المتحدث السابق باسم حركة الشباب ونائب قائدها المنشق عن الحركة عام 2017 “مختار روبو” المعروف باسم “أبو منصور” في منصب وزير الأوقاف والدين ومحاربة الإرهاب في 2 أغسطس (آب) 2022[11]، لتكوين جبهة فكرية مضادة قادرة على محاربة الحركة فكرياً، ودعم الحكومة الصومالية بتقديم سياسات قادرة على قراءة التكتيكات والسياسات المحتمل اتخاذها من قبل قيادات حركة الشباب، رداً على العمليات العسكرية الصومالية باعتباره نائب زعيم حركة الشباب سابقاً، ناهيك عن تقديم قراءته حول آليات التصدى للحملات الدعائية للحركة، كإعراب “روبو” عن نية الحكومة ولأول مرة في 4 ديسمبر (كانون الأول) 2022 لبدء إصدار تراخيص إلى معلمي تحفيظ القرآن وأئمة المساجد بهدف منع نشر الفكر المتطرف[12].
بناء على ذلك، شنت الحكومة الصومالية حملة إعلامية واسعة بهدف وقف كافة السبل الدعائية المستخدمة من قبل الحركة لنشر فكرها الجهادي وإرهاب المواطنين، وقطع كافة السُبل أمامها لنشأة حاضنة فكرية في المجتمع الصومالي؛ حيث أعلنت الحكومة الصومالية في 9 أكتوبر (تشرين الأول) 2022 أن التغطية الإعلامية لكافة ممارسات الحركة العنيفة، والترويج لإطارها الأيديولوجي، يُعد بمثابة جريمة يُعاقب عليها القانون[13]، كما أعلن نائب وزير الإعلام “عبدالرحمن يوسف” أن الحكومة ستحظر تماماً كافة أنواع التغطية الدعائية لحركة الشباب، من فيديوهات وصور ومقاطع صوتية ورسائل[14]، وأن الحكومة نفذت بالفعل عمليات سيبرانية ضد عدة حسابات تابعة للحركة على شبكات مواقع التواصل الاجتماعي، وتمكنت خلال (48) ساعة فقط من تعليق أكثر من (40) حساباً على موقعي “فيسبوك” و”تويتر” تابعين للحركة، وأنه جارٍ العمل على تعقب وإيقاف النشاط الإلكتروني لها[15].
3- قطع سلاسل التمويل المالي للحركة: أعلنت الحكومة الصومالية في 6 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 تجميد جميع حسابات حركة الشباب في الحوالات والمصارف الصومالية التي كانت تحتوي على مبالغ مالية باهظة، بعد أن تلقت الحكومة أكثر من عشرة آلاف بلاغ من أشخاص بخصوص تحويل أموال إلى حركة الشباب[16]، مما قد يُساهم في شل سلاسل تمويل الحركة. كما أطلقت الحكومة تحذيراً بأن أي شركة ستدفع الضرائب لحركة الشباب، سيُلغى ترخيصها، وهو ما التزم به بعض أعضاء مجتمع الأعمال في الصومال، إلى جانب إعلان واشنطن (الحليف الاستراتيجي للصومال) تقديم حوالى عشرة ملايين دولار، نظير أي معلومات تسمح “بتعطيل الآليات المالية[17]، سبقها فرض وزارة الخزانة الأميركية في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، عقوبات على (6) أعضاء في “حركة الشباب” شكلوا خلية لمد الحركة بالأسلحة والمال وتجنيد مزيد من الأفراد[18].
4- مكافحة الإرهاب عبر تنفيذ مبدأ العدالة الناجزة:
تزامناً مع تنفيذ عدة هجمات عسكرية ضد عناصر حركة الشباب، فعلت الصومال مبدأ العدالة الناجزة، في محاولة لكسب ثقة المواطن الصومالي بوجود إرادة سياسية حقيقية للدفاع عن المواطن الصومالي، وأن قواتها المسلحة قادرة على أداء دورها في حماية أمنها وسيادتها، على العكس مما تبثه الحركة من ادعاءات مستمرة حول فشل الدولة الصومالية في الدفاع عن مواطنيها، وافتقارها للشرعية بين أفراد المجتمع، وذلك عبر إصدار القضاء الصومالي أحكاماً نهائية بإدانة وتنفيذ حكم الإعدام ضد عدة عناصر إرهابية تابعة لحركة الشباب في قضايا قتل وإرهاب، كان آخرها تنفيذ حكم إعدام عنصرين من عناصر الحركة من قبل محكمة عسكرية صومالية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، عقب إدانتهما في قضية اغتيال ضابطي أمن في 2019[19].
5- إعادة تمركز القوات الأميركية في الصومال:
ذكرت صحيفة نيويورك تايمز عقب انتخاب الرئيس محمود في 15 مايو (أيار) 2022، أن الرئيس الأميركي جو بايدن يُخطط لإعادة نشر ما يقرب من (500) جندي أميركي في الصومال لدعم القوات الصومالية في معركتها لمحاربة نشاط حركة الشباب المتنامي في الصومال، إلى أن خرج مسؤولون أميركيون للتأكيد على موافقة الرئيس “بايدن” على إعادة تمركز القوات الأميركية في مسرح العمليات الصومالي، ولكن دون مشاركة مباشرة في العمليات القتالية، وإنما ينحصر دورها في تدريب القوات الصومالية وتجهيزها وتقديم المشورة[20]، وفي الوقت نفسه تقديم الدعم للضربات الجوية الأميركية في استهداف قيادات حركة الشباب.
فلقد أوضح وزير الدفاع الأميركي أن “نموذج المشاركة العرضية كان غير فعال وغير مستدام على نحو متزايد”، وأن انسحاب القوات الأميركية ساهم في تردي الوضع الأمني في الصومال[21]، وهو ما يُستدل عليه بإفادة مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية بأن عدد هجمات حركة الشباب قد ارتفع من (1771) إلى (2072) عملية إرهابية في العام التالي لانسحاب الولايات المتحدة، بزيادة قدرها (17%)، وأن عدد الاشتباكات مع قوات الأمن ارتفع بنسبة (32%)، في حين أفادت عدة تقارير بأن الهجمات الإرهابية لحركة الشباب الصومالية ارتفعت خلال عام 2022 بنسبة (71%)[22]، وهو ما يُعد بمثابة تهديد للمصالح الأميركية في البلاد.
بل إن النشاط الإقليمي لحركة الشباب في إقليم شرق أفريقيا، لا سيما في كينيا وإثيوبيا، بات مهدداً كذلك للمصالح الأميركية في كافة ربوع الإقليم؛ حيث لا يزال يلوح في الذهن الأميركي الهجوم الإرهابي لحركة الشباب على قاعدة جوية أميركية في خليج ماندا قرب جزيرة لامو السياحية في كينيا في يناير (كانون الثاني) 2020، أسفر عن مقتل ثلاثة مسؤولين أميركيين[23]، مع وجود احتمال بأن الخلية التابعة لحركة الشباب والمنفذة لهذا الهجوم والمعروفة باسم “جيش أيمن” متمركزة منذ عام 2014 في بوني فورست على طول الحدود الكينية- الصومالية[24]، وهو ما دفع وزارة الدفاع الأميركية لتصنيف نشاط حركة الشباب على أنه تهديد للأمن القومي الأميركي[25].
6- المقاومة الشعبية.. الذراع المجتمعية لمحاربة حركة الشباب:
برز دور المقاومة الشعبية كذراع مجتمعية فعالة ومهمة في المقاربة الصومالية لمكافحة الإرهاب على نحو لافت للنظر، نابعة بشكل كبير من الرفض المجتمعي لفرض حركة الشباب الإتاوات إجبارياً، إضافة إلى انتهاج سياسة التجنيد القسري للأطفال، وهو ما يعكس بشكل أو بآخر تمكن الحكومة الصومالية من انتزاع قدر من ثقة المجتمع في وجود إرادة سياسية حقيقية لمحاربة حركة الشباب، ممزوجة برغبة المواطنين في الارتكان لدرع الدولة.
فمنذ إعلان الرئيس محمود حربه الشاملة على الإرهاب في يوليو (تموز) 2022، برز دور الميلشيات العشائرية المعروفة باسم مويسلي “Moawisley” والتي يُقدر عددها من ألفين إلى ثلاثة آلاف فرد، في محاربة حركة الشباب، في عدة مناطق في وسط الصومال كمنطقتي غالمدوغ وهيرشبيلي وحيران وجلجدود، والتي نجحت في تحرير نحو (46) مدينة، بل وامتدت إلى عدة مناطق في جنوب البلاد كمنطقة باي[26]، ألقت ترحيباً وتأييداً من قبل الحكومة الصومالية التي دعمتها بإرسال قوات إضافية، ووفرت كل الدعم المطلوب من تدريب وتوفير أسلحة[27].
ثانياً: التكتيكات القتالية لحركة الشباب للرد على مقاربة “الحرب الشاملة”
تُصنف الأمم المتحدة حركة الشباب الصومالية بأنها أقوى وأغنى فرع إقليمي لتنظيم القاعدة، يملك نحو (12000) مقاتل[28]، ولديه القدرة على جمع إيرادات شهرية تبلغ حوالي (10) ملايين دولار[29]، بينما تتراوح عائداتها السنوية من حوالي (70) إلى (100) مليون دولار أميركي، يُخصص أكثر من (24) مليون دولار منها لشراء الأسلحة والذخائر[30]، وهو ما يعني أن لدى الحركة الكثير من الإمكانات والموارد البشرية واللوجيستية والمالية للرد على الحرب الشاملة التي أعلنها الرئيس الصومالي، واستعادة نفوذها في المناطق التي استعادت الحكومة سيطرتها عليها، لا سيما المناطق الريفية، استناداً إلى ما تُعانيه الاستراتيجية الصومالية لمحاربة حركة الشباب من ثغرات، وضعف إمكانات، مقارنة بإمكانات وقدرات حركة الشباب. وبناء عليه، اعتمدت حركة الشباب عدة تكتيكات قتالية، وظفت خلالها العديد من الأدوات للرد على الحرب الشاملة للحكومة الصومالية:
1- التصعيد العسكري: شنت حركة الشباب العديد من الهجمات الإرهابية على عدة أهداف تابعة للحكومة الصومالية والجيش الصومالي، وقوات بعثة الاتحاد الأفريقي المتمركزة في البلاد، وأهداف أخرى مدنية، تركزت معظمها حول العاصمة مقديشو ومنطقة حيران في وسط البلاد[31]، بينما تنوعت خلالها الأدوات المستخدمة في الهجوم ما بين عبوات ناسفة وسيارات مفخخة وإطلاق قذائف هاون، وطائرات بدون طيار بعد أن أفادت عدة تقارير باستخدام حركة الشباب الدرونز في تكتيكاتها إما لتنفيذ هجوم أو جمع معلومات استخباراتية،أكدها القائم بأعمال سفير الشؤون السياسية الخاصة للوفد الأميركي لدى الأمم المتحدة “جيفري ديلورينتيس”، خلال جلسة غير رسمية لمجلس الأمن الدولي في 31 أغسطس (آب) 2022[32]. كما تعددت التكتيكات القتالية المستخدمة في تنفيذ هجماتها الإرهابية، وهو ما يُمكن توضحيه كالتالي:
– تفجير سيارات مفخخة ضد أهداف مدنية وحكومية: أعلنت حركة الشباب في 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2022 مسؤوليتها عن تفجير ثلاث سيارات مفخخة في مقر الحكومة المحلية ببلدة بلدوين بولاية هيرشبيلي شمال مقديشو، وادعت الحركة أن الهجوم أسفر عن مقتل أكثر من (50) شخصاً، بينهم نواب وكبار إداريون وضباط في الجيش والشرطة[33]. وفي 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2022، نفذت حركة الشباب هجومين بسيارتين مفخختين في مقديشو يُعدان الأكثر تدميراً ودموية منذ عام 2017، نجم عنهما مقتل (121) شخصاً وإصابة (333) آخرين[34]، هذا بخلاف استهداف عناصر الحركة لعدد من الفنادق التي يستقر فيها عادة أفراد من الحكومة الصومالية؛ كاستهدف فندق الحياة في 19 أغسطس (آب) 2022، وحصاره لمدة (30) ساعة، مما أسفر عن مقتل (21) شخصاً على الأقل، وإصابة (117) آخرين[35]، وحصار فندق “فيلا روز” في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، الذي يقع على مسافة قريبة من مكاتب الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، وأسفر عن مقتل (8) أشخاص وإصابة العديد من بينهم مسؤولون حكوميون[36].
شكل (2): خريطة توضح مناطق تمركز حركة الشباب الصومالية
المصدر: حركة شباب المجاهدين، بوابة الحركات الإسلامية ، ديسمبر (كانون الأول) 2020.
https://www.islamist-movements.com/2372
– استهداف القوات الصومالية وقوات الاتحاد الأفريقي: تباينت الأدوات المستخدمة في استهداف قوات الجيش الصومالي وقوات بعثة (أتميس) الأفريقية؛ حيث أعلنت الحركة في 25 سبتمبر (أيلول) 2022 عن مسؤوليتها عن عملية انتحارية نفذها أحد عناصرها في قاعدة تدريب عسكرية في مقديشو، أسفرت عن مقتل (32) جندياً وإصابة (42) آخرين[37]، في حين قامت عناصر الحركة بنصب كمين لجنود صوماليين في ضواحي بلدة بولابورد بمنطقة حيران وسط الصومال، أسفرت عن مقتل عشرة جنود وإصابة (15)، وتدمير مركبتين للجيش الصومالي[38]، بينما قامت عناصر الحركة في 17 سبتمبر (أيلول) 2022 بإطلاق قذائف هاون على قاعدة كينية في بلدة هوزونغو بمنطقة جوبا جنوب الصومال[39]. وفي 30 سبتمبر (أيلول) 2022، استهدفت الحركة سيارة تنقل جنوداً صوماليين بعبوة ناسفة في بلدة بالكاد، على ما يقرب من (30) كيلومتراً شمال مقديشو، أسفرت عن مقتل (5) جنود صوماليين[40].
– استهداف الميلشيات العشائرية: كتنفيذ حركة الشباب في 6 سبتمبر (أيلول) 2022، هجوماً على ضواحي بلدة محاس، استهدف ميلشيات مدنية، زعمت الحركة أنه أسفر عن مقتل (50) مقاتلاً من الميلشيات[41].
– تدمير البنية التحتية: أحد التكتيكات المستخدمة من قبل حركة الشباب للرد على الهجمات العسكرية، هو وضع الحكومة الصومالية في ضغط مضاعف عبر تدمير البنى التحتية بشكل يُساهم في إبراز مدى عجز الحكومة وإخفاقها في تلبية احتياجات المواطن من جانب، وإثارة الغضب الشعبي على أداء الحكومة من جانب آخر، وبالتالي إحداث انشقاق في الموقف الشعبي من أداء حكومة بري والرئيس الصومالي ما بين داعم ورافض، يليه اتجاه عناصر الحركة لاستقطاب الكتلة الشعبية المعارضة، وتسليحها لمواجهة الميلشيات العشائرية الداعمة للحكومة، وبالتالي إدخال البلاد في حالة من الفوضي تتغذي وتتنامى عليها الحركة، وهو ما يُفسر تفجير حركة الشباب آباراً ومنشآت اتصالات في عدة قرى في منطقة غالمدوغ وسط الصومال في أغسطس (آب) 2022[42].
2- الحفاظ على الحاضنة المجتمعية لحركة الشباب: بالتزامن مع شن الحركة عدة هجمات إرهابية على مختلف الأهداف سواء مدنية أو عسكرية، حرصت الحركة على إلقاء الضوء حول دورها المجتمعي في تقديم الخدمات اللازمة، لا سيما لسكان المناطق المتضررة من موجة الجفاف عبر توزيع الغذاء والمياه وتقديم الرعاية الطبية مجانًا، وذلك مثلما جاء على لسان المتحدث باسم حركة الشباب علي دهيري خلال مقطع فيديو للحركة تم نشره في 18 سبتمبر (أيلول) 2022[43]، مُشيراً إلى تمكن الحركة منذ يناير (كانون الثاني) 2022 من مساعدة (47169) أسرة، وتسليم (3611) صهريج مياه، وتزويد المزارعين بالوقود حتى يتمكنوا من ري محاصيلهم بمضخات من نهري شبيلي وجوبا وحفر الآبار[44]، مما يعكس حرص الحركة على استقطاب دعم هذه المجتمعات وحرصها على الحفاظ على حاضنتها المجتمعية.
3- الحرب النفسية والتمجيد القاعدي لحركة الشباب: استخدمت حركة الشباب الأداة الإعلامية لشن حرب نفسية على الحكومة الصومالية، ولبث رسالة تحذيرية لميلشيات العشائر؛ حيث حرصت حركة الشباب على الحديث الدائم عما يُمكن تسميته بالانتصار المبكر للحركة في حربها على الحكومة الصومالية، بشكل ساخر من شأنه التقليل من حجم الجهود المتعددة الأبعاد المبذولة من قبل الحكومة، والمدعومة من شركاء مقديشو الدوليين والإقليميين لمحاربة حركة الشباب، وهو ما انعكس في كلمة المتحدث باسم حركة الشباب الشيخ “عبدالعزيز أبو مصعب” عقب الهجوم الإرهابي على فندق الحياة في أغسطس (آب) 2022، وسخريته من كلمة الرئيس الصومالي بأنه قادر على القضاء على حركة الشباب، ومهدداً (عبدالعزيز أبو مصعب) بأن الحركة هي التي ستقضي على الحكومة الصومالية[45].
ناهيك عن ذلك، أطلقت حركة الشباب تحذيرات على لسان المتحدث باسم الجماعة “عبدالعزيز أبو مصعب”، لقادة العشائر الموجهة لميلشيا المواسلي، من مخاطر الاستمرار في المقاومة الشعبية ودعم الحكومة، قائلاً: “نحن (الشباب) لسنا في حالة حرب مع العشائر، لكننا نعرف عن خطط لتسليح العشائر عن طريق شيوخ العشيرة”[46].
يُضاف إلى ذلك أنه، لم يكن لتنظيم القاعدة الأم أن يتجاوز التطورات الأمنية الصومالية دون تقديم الدعم اللازم لحركة الشباب؛ حيث خصصت قادة القاعدة العدد السابع من مجلتها One Nation والصادر في 30 أغسطس (آب) 2022 للصومال، والتي تمنى المقال الرئيس فيها لحركة الشباب تحقيق انتصار سريع على الحكومة الصومالية والسيطرة على العاصمة الصومالية مقديشو، على غرار سيطرة حركة طالبان على العاصمة كابُل الأفغانية، وطرد جميع القوات الأجنبية، وهو ما يُشير إلى المكانة المهمة للحركة لدى تنظيم القاعدة الأم، لا سيما وأن زعيم حركة الشباب أحمد ديري، المعروف باسم “أحمد عمر أبو عبيدة” هو عضو في لجنة حطين التابعة لتنظيم القاعدة، التي تحكم وتنسق القيادة العالمية للتنظيم، والرابع في قيادة التنظيم، وفقاً للتسلسل الهرمي للقيادة[47].
4– إعادة إحياء النشاط الإقليمي للحركة:
تزامناً مع اندلاع الحرب الشاملة الصومالية ضد حركة الشباب ورداً عليها، انتهجت حركة الشباب تكتيك توجيه ضربات في الخارج للضغط على القوات الصومالية وشركائها في الداخل، وتخفيف الهجمات العسكرية ضدها، وذلك عبر تنفيذ عدة هجمات إرهابية على قواعد عسكرية في دول الجوار الصومالي، لهدفين رئيسين: أولهما: التأكيد على النفوذ الإقليمي الممتد لحركة الشباب ومكانتها كتنظيم فعال ومؤثر، ليس فقط في الداخل الصومالي، وإنما كذلك في إقليم شرق أفريقيا، وهو ما سينعكس ويتم ترجمته في ارتفاع حجم تمويل الحركة، ونجاحه في تجنيد مزيد من العناصر، حيث قدر مسؤولو المخابرات الصومالية أن كينيا هي المصدر الأكبر للمجندين، يليها تنزانيا وهناك البعض من أوغندا وإثيوبيا[48].
أما بالنسبة لثاني الأهداف فيتمثل في فرض مزيد من الضغوط على القوات الأفريقية الداعمة للقوات الصومالية والمشاركة في قوات بعثة الاتحاد الأفريقي، وهي (أوغندا وكينيا وإثيوبيا وجيبوتي وبوروندي)، وهو ما قد يدفعها مع تصاعد تهديد نشاط حركة الشباب إلى سحب قواتها من الصومال، وبالتالي إحداث فراغ أمني كبير لن تتمكن القوات الصومالية من شغله، وإنما سيفتح الباب والمجال لحركة الشباب لتوسيع نفوذها والتمدد في مناطق جغرافية جديدة.
في هذا الصدد، تزايد عدد الهجمات الإرهابية التابعة لحركة الشباب على قواعد الجيش الإثيوبي على الحدود الصومالية الإثيوبية؛ حيث نفذت حركة الشباب في يوليو (تموز) 2022 هجمة إرهابية على قاعدة عسكرية على الحدود الإثيوبية، أعلن مجلس الأمن عن مقتل منفذيها في 24 يوليو (تموز) 2022[49]، في حين أوضح “محمد عبدي التل” محافظ منطقة باكول في جنوب غرب الصومال التي دارت فيها المعارك مع هذه العناصر، أن هناك ثلاث مجموعات من حركة الشباب اتجهت نحو إثيوبيا، إحداها قاتلت على طول الحدود الصومالية- الإثيوبية[50]، وأخرى دخلت إثيوبيا وكانت في طريقها إلى منطقة بيل الواقعة بين منطقتي الصومال وأوروميا[51]، في حين دخلت المجموعة الثالثة من إثيوبيا من الجزء الجنوبي الغربي من منطقة باكول الصومالية[52]، وهو ما اتسق مع تصريحات مسؤولين إثيوبيين في 9 أغسطس (آب) 2022، من وجود ما يقدر بما بين (50) إلى (100) من عناصر حركة الشباب قد وصلوا إلى المنطقة الجبلية الواقعة بين منطقتي الصومال وأوروميا في إثيوبيا، والتي تتمركز فيها خلية محلية تابعة لحركة الشباب[53].
وأفادت حكومة المنطقة الصومالية في إثيوبيا باندلاع قتال في 11 أغسطس (آب) 2022، بين شرطة المنطقة الصومالية وحركة الشباب[54]، تبعها إعلان الحركة مسؤوليتها عن مقتل (132) عنصراً من ميلشيا ليو من المنطقة الصومالية- الإثيوبية في 2 أكتوبر (تشرين الأول) 2022[55]، تلاها تنفيذ الحركة العديد من الهجمات الإرهابية على قواعد للجيش الإثيوبي. كما شنت الحركة عدة هجمات على أهداف شُرطية وعسكرية في شمال شرق كينيا، كتنفيذ هجوم على قاعدة للجيش الكيني بمدينة مانديرا في شمال شرق كينيا، أسفرت عن عدة إصابات بالجيش في 2 أغسطس (آب) 2022[56]، واقتحام مركز الشرطة في مقاطعة مانديرا ، مما أدى إلى إصابة ثلاثة من رجال الشرطة في 2 سبتمبر (أيلول) 2022[57].
ثالثاً: مستقبل الوضع الأمني في الصومال.. تحديات وسيناريوهات
ليس من السهل التكهن بمستقبل الوضع الأمني في الصومال، في خضم استمرار الحرب الشاملة على حركة الشباب الصومالية، في محاولة لتحجيم نفوذها وتقييد تحركاتها، ولكن من المهم الإشارة إلى عدد من التحديات التي قد تُعيق جهود الحكومة الصومالية في محاربة الإرهاب، بل قد تتسبب في إخفاق المقاربة الشاملة للحكومة الصومالية في تحقيق هدفها، وتمكن حركة الشباب من استعادة كافة المناطق المحررة، والتمدد في مناطق جغرافية جديدة، أولها: قدرة القوات الصومالية في الحفاظ على المناطق المحررة[58]، بما يضمن عدم تمكن حركة الشباب من استعادة نفوذها عليها، أو التمدد في مناطق جغرافية أخرى، وهو ما يتطلب ضرورة وضع القوات الصومالية خطة واضحة لضمان تحقيق هذا الهدف، لكن يبدو أن المقاربة الشاملة يتخللها بعض القصور بعد أن تمكنت حركة الشباب من استعادة السيطرة على بعض المدن والبلدات والقرى التي استعادها الجيش الصومالي، كإعادة سيطرة الحركة على مدينة مقري الاستراتيجية والضواحي والقرى المجاورة بعد تراجع سيطرة الجيش الصومالي في 1 أكتوبر (تشرين الأول) 2022[59].
تتمثل ثاني هذه التحديات في المخاوف من ضعف التنسيق بين قوات مكافحة الإرهاب، نتيجة لاختلاف نهج الدول المدربة لهذه القوات، مما يترتب عليه سقوط عدد من القتلى في ساحة المعركة، وهو ما يُعيد للأذهان انقسام قوة مكافحة الإرهاب في ديسمبر (كانون الأول) 2021، والذي ترتب عليه مقتل أكثر من (20) شخصا من بينهم أطفال[60]، ناهيك عن اندلاع القتال بين فصائل مختلفة من قوات الأمن في مقديشو في أبريل (نيسان) 2021، بشكل أثار مخاوف من اندلاع حرب أهلية، ناهيك عن مخاوف من تحالف القوات المدربة مع مجموعة سياسية معينة[61].
أما بالنسبة لثالث هذه التحديات، فيتمثل في المخاوف من نشوب خلافات بين العشائر، يترتب عليها نشوب اقتتال دموي ينجم عنها حالة من الفوضى تعمل على توظيفها حركة الشباب، لا سيما عقب ورود أنباء عن اندلاع اشتباكات بين العشائر في عدد من المناطق المحررة[62]، ناهيك عن غياب إطار منظم لنشاط ميلشيات العشائر وطبيعة تسليحها؛ حيث هناك مخاوف من أن تعاون ميلشيات العشائر مع القوات الصومالية، ودعمها بالسلاح، قد يدفعها لرفع سقف متطلباتها السياسية، ويجعل مع الصعب مع مرور الوقت السيطرة على تحركاتها، بما ينعكس سلباً على الوضع الأمني للبلاد. بناء عليه، هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة للصراع الأمني في الصومال، هي كالتالي:
1- تحجيم نفوذ حركة الشباب في ولايات وسط وجنوب الصومال:
هو سيناريو محتمل على المدى القريب، لا سيما مع تسجيل القوات الصومالية مكاسب ميدانية متوالية عبر استعادة سيطرتها على العديد من المدن الصومالية الخاضعة لسيطرة حركة الشباب، كان آخر تلك الانتصارات الميدانية هو تحرير القوات الصومالية مدينة “آدم يبال” أحد معاقل الحركة، والتي تبعد نحو (245) كم شمال مقديشو في 6 ديسمبر (كانون الأول) 2022، وهو ما يعني تمكن القوات الصومالية بدعم من شركائها الإقليميين والدوليين من تحجيم نفوذ حركة الشباب وتقويض سلاسل إمدادها بالتمويل، ومخططاتها لتجنيد العناصر، لكن هذا السيناريو لا يزال رهن تمكن الحكومة الصومالية من معالجة ما تعانيه المقاربة الصومالية من ثغرات/ تحديات.
2- انتكاسة الوضع الأمني في البلاد لصالح تمدد نفوذ حركة الشباب:
هو سيناريو من المرجح ترجمته في أي لحظة ممكنة، إذا أخفقت الحكومة في معالجة ما تعانيه المقاربة الشاملة للحرب على الإرهاب من ثغرات/ تحديات، أو نتيجة لنشوب خلاف بين العشائر وبعضها البعض عن عمد أو نتيجة لضعف تنسيق في ساحة ميدان الحرب، قد يتطور لقتال عنيف، تعمل حركة الشباب على تعميقه وتوظيفه لصالحها، أو نتيجة لنشوب خلاف بين العشائر والقوات الصومالية قد يتطور لقتال عنيف، يتسبب في انتكاسة الوضع الأمني في البلاد، وهو ما يعني تمكن حركة الشباب من استعادة سيطرتها على العديد من المناطق المحررة.
بناء عليه، من المؤكد تصاعد عدد العمليات الإرهابية ضد أهداف مدنية وعسكرية داخل الأراضي الصومالية، إلى جانب تصاعد العمليات الإرهابية المستهدفة لقواعد عسكرية خارج الأراضي الصومالية في عدد من دول الجوار الصومالي ككينيا وإثيوبيا، قد تدفع الجانب الإثيوبي إلى اتخاذ خطوات متسارعة نحو إنشاء منطقة أمنية داخل الأراضي الصومالية، وبالتالي دخول البلاد، بل ودول المنطقة في حالة من الفوضي التي لن يُحمد عقباها على كافة المستويات.
3– تراوح الوضع الأمني للبلاد بين الشد والجذب بين طرفي الحرب:
هو سيناريو مرجح ومحتمل على المدى البعيد، يتمثل في أن معطيات ساحة الحرب قد تدفع طرفيها لحالة من الشد والجذب في تحقيق الانتصارات الميدانية، يعززها إنهاك القوات الصومالية مع طول أمد الحرب، في الوقت نفسه الذي قامت فيه حركة الشباب بإعادة ترتيب أوراقها لاستعادة نفوذها داخلياً وخارجيا، وهو ما يعني تمكن طرفي الحرب من تحقيق انتصارات شبه نصفية مؤقتة تتوقف على قدرة طرفي الحرب على الحفاظ عليها وتعظيمها.
ختاماً: لا يمكن الخلاف على أن المقاربة الصومالية للحرب على الإرهاب تتسم بالاختلاف على نحو كبير، وتمكنت بالفعل من تحقيق مكاسب ميدانية حقيقية، مثلما تمكنت من إرباك قادة حركة الشباب، وتشتيت عناصرها. إلا أنه من المهم بمكان التأكيد على أن الحفاظ على الانتصارات والمكاسب الممثلة في تحرير المناطق من قبضة حركة الشباب، واستهداف عناصر القيادة وتقييد تحركات الحركة، لا يقل أهمية عن الحرص على تحقيق الانتصارات والمكاسب المتعددة، بما في ذلك انتزاع ثقة المجتمع الصومالي في الارتكان للقوات الصومالية لحمايته، بدلاً من الاعتماد طوعاً أو قسراً على سلاح التنظيم. ومن ثم، هناك حالة من الغموض تمنع تقديم قراءة مفصلة لمستقبل الوضع الأمني في الصومال وطبيعة المحصلة النهائية للصراع الدائر بين القوات الصومالية وحركة الشباب.
[1]– ELOISE BARRY, President Takes Office. Here’s What to Know, Time, 17 May 2022. https://time.com/6177475/somalia-elections-biden-troops/
[2]– Idem.
[3]– Al-Shabaab, the Branch of al-Qaeda in Somalia and the Horn of Africa,The Meir Amit Intelligence and Terrorism Information Center ,24 October 2022. https://www.terrorism-info.org.il/en/al-shabaab-the-branch-of-al-qaeda-in-somalia-and-the-horn-of-africa/
[4]– Idem.
[5]– Idem.
[6]– الصومال تنتفض ضد الإرهاب.. قراءة في المشهد الحالي، مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022.
[7]– المرجع السابق.
[8]– الجيش الصومالي يستعيد مناطق خاضعة لـ«الشباب» منذ (15) عاماً، الشرق الأوسط، 10 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022.
[9]– الصومال: مقتل (100) عنصر إرهابي في عملية أمنية بجنوب البلاد، بوابة أفريقيا الإخبارية، 28 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022.
[10]– الجيش الصومالي يستعيد مناطق خاضعة لـ«الشباب» منذ (15) عاماً، مرجع سبق ذكره.
[11]– Al-Shabaab, the Branch of al-Qaeda in Somalia and the Horn of Africa, OP.CIT.
[12]– رخص للقائمين على نشر الدين في الصومال.. خطوة لمواجهة التطرف، العين الإخبارية، 4 ديسمبر (كانون الأول) 2022.
[13]– رئيس الصومال يؤكد على أولوية «تحرير البلاد» من «الشباب»، موقع الشرق الأوسط، 10 أكتوبر (تشرين الأول) 2022.
[14]– المرجع السابق.
[15]– المرجع السابق.
[16]– الحكومة الصومالية تجمد حسابات حركة الشباب في الحوالات والبنوك المحلية، الصومال الجديد، 6 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022.
[17]– الحكومة الصومالية تشن “حربا شاملة” على حركة الشباب في الصومال، إيرونيوز، 26 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022.
[18]– الصومال.. قتلى في فكّ حصار عن فندق احتله مقاتلو حركة “الشباب”، سكاي نيوز عربية، 28 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022.
[19]– المرجع السابق.
[20]– بايدن يوافق على إعادة نشر أقل من (500) جندي أميركي في الصومال، SWI swissinfo.ch، 16 مايو (أيار) 2022.
[21]– المرجع السابق.
[22]– أحمد عسكر، إعادة الولايات المتحدة نشْر قواتها في الصومال: الدوافع والسيناريوهات، مركز الإمارات للسياسات، 15 يونيو (حزيران) 2022.
[23]– ELOISE BARRY, OP.CIT.
[24]– Martine Zeuthen, A New Phase in the Fight against al-Shabaab in the Horn of Africa, ,21 Sep 2022
https://icct.nl/publication/new-phase-in-fight-against-al-shabaab/
[25]– ELOISE BARRY, OP.CIT..
[26]– Mohamed Sheikh Nor, Somalia Military Makes Gains in Large-scale Offensive Against Al-Shabab, voa news, 26 Sebtamber 2022. https://www.voanews.com/a/somalia-military-makes-gains-in-large-scale-offensive-against-al-shabab-/6764305.html
[27]– الحكومة الصومالية تشن “حربا شاملة” على حركة الشباب في الصومال، يورونيوز، 26 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022. https://cutt.us/C46YZ
[28]– Al-Shabaab, the Branch of al-Qaeda in Somalia and the Horn of Africa, OP.CIT.
[29]– Mary Harper , US troops back in Somalia to fight al-Shabab, bbc News ,1 June 2022. https://www.bbc.com/news/world-africa-61631439
[30]– تجارة المخدرات.. استراتيجية حركة الشباب للتغلغل في الصومال، سكاي نيوز عربية، 24 أغسطس (آب) 2022.
[31]– Al-Shabaab, the Branch of al-Qaeda in Somalia and the Horn of Africa, OP.CIT.
[32]– Idem.
[33]– Idem.
[34]– الحكومة الصومالية تشن “حربا شاملة” على حركة الشباب في الصومال، مرجع سبق ذكره.
[35]– Somalia President Vows ‘All-Out War’ Against Al-Shabaab, the defense post, 24 AUGUST 2022. https://www.thedefensepost.com/2022/08/24/somalia-president-war-al-shabaab/
[36]– الشرطة الصومالية تعلن مقتل (8) وإنهاء حصار فندق بمقديشو، العربية، 28 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022.
[37]– Al-Shabaab, the Branch of al-Qaeda in Somalia and the Horn of Africa, OP.CIT.
[38]– Idem.
[39]– Idem.
[40]– Idem.
[41]– Idem.
[42]– Idem.
[43]– Idem.
[44]– Idem.
[45]– Idem.
[46]– Vigilantes join Somalia military in battle with al Shabaab, The East African, 26 SEPTEMBER 2022.
[47]– Idem.
[48]– Considering Political Engagement with Al-Shabaab in Somalia, crisis group, 21 JUNE 2022 https://www.crisisgroup.org/africa/horn-africa/somalia/309-considering-political-engagement-al-shabaab-somalia
[49]– Al-Shabaab, the Branch of al-Qaeda in Somalia and the Horn of Africa, OP.CIT.
[50]– Idem.
[51]– Idem.
[52]– Idem.
[53]– Idem.
[54]– Idem.
[55]– Idem.
[56]– التمدد إقليمياً: تصاعد هجمات حركة الشباب الصومالية داخلياً وخارجياً، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 11 أغسطس (آب) 2022. https://cutt.us/B20OM
[57]– Al-Shabaab, the Branch of al-Qaeda in Somalia and the Horn of Africa, OP.CIT.
[58]– الحكومة الصومالية تشن “حربا شاملة” على حركة الشباب في الصومال، مرجع سبق ذكره.
[59]– Al-Shabaab, the Branch of al-Qaeda in Somalia and the Horn of Africa, OP.CIT.
[60]– US troops back in Somalia to fight al-Shabab, OP.CIT.
[61]– Idem.
[62]– Idem.