سجلت “الجماعة الإسلامية” في لبنان خسارة كبيرة في الانتخابات النيابية التي شهدتها البلاد في مايو (أيار) 2018، فلم تحظ بأي مقعد نيابي على الرغم من تحالفاتها الجديدة، علماً بأن “إخوان لبنان” تمكنوا في الدورة الماضية عام 2009 من الفوز بمقعد واحد عن دائرة بيروت الثالثة، قبل التمديد للمجلس البرلماني مرتين (كانت قد شاركت عام 1992 في أول انتخابات بعد اتفاق الطائف) حيث استطاع النائب عماد الحوت (75954 صوتاً) حجز مقعده له في الندوة البرلمانية في ضوء مرحة مضطربة وحرجة في لبنان والمنطقة ما زالت تداعياتها قائمة.
لم تكن “الجماعة الإسلامية” بمنأى عن المتغيرات والاستقطاب السياسي الحاد في لبنان والإقليم، مما دفعها إلى إصدار وثيقة عام 2010، صدرت تحت عنوان “الرؤية السياسية للجماعة”، إثر مؤتمرها العام الذي انعقد بين 20 – 24 يونيو (حزيران) 2010، تبنت فيها أهدافاً عدة ورفضت فيها “انخراط لبنان في سياسة المحاور التي تزيد في شرخ الأمة، وتنعكس سلباً على واقعنا اللبناني الهش”. لقد أربك انفجار “ثورات الربيع العربي” الكثيرين وراهنت عليه جماعات الإسلام السياسي، فبقي “إسلاميو” لبنان حذرين من الفورات والنجاحات الإسلاموية في عدد من الدول العربية، وحاولوا عدم الذهاب بالطموح السياسي بعيداً، فتعاطوا بحذر مع انتكاسة نظرائهم في مصر بعد سقوط “نظام المرشد”.
تشهد “الجماعة الإسلامية” اليوم وإثر نتائج انتخابات 2018 حالة من الإرباك بسبب المؤثرات السلبية التي انعكست عليها، والخلافات الإدارية الداخلية، والحديث عن خطوات تتجه إلى إعادة هيكلة التنظيم لتعزيز حضوره ضمن الشرائح الشعبية الموالية له، يأتي ذلك في سياق تبدل الخريطة السياسية اللبنانية على صعيد التحالفات الداخلية وتأثرها في التموضعات الإقليمية والجيواستراتيجية.
وفي سبيل الإضاءة على “الجماعة الإسلامية” في لبنان ينشر مركز المسبار للدراسات والبحوث ثلاث حلقات عنها، تتضمن إطلالة حول تأسيسها وتاريخها وخطابها وانعطافاتها الأيديولوجية واصطدامها بالواقع اللبناني، وامتحان الانتخابات والمراجعات والخيارات الصعبة. تشكل هذه الحلقات الفصل الأول من كتاب “إسلاميو لبنان: الوحدة والاختلاف على أرض المستحيل” (مركز المسبار، 2012) للأكاديمي والباحث اللبناني عبدالغني عماد، وتقدم خلفية وافية للخبراء والمتخصصين من أجل فهم طبيعة المتغيرات التي تشهدها “الجماعة” اليوم.