آمال سليمان (جدة)
أصدر مركز المسبار للدراسات والبحوث كتابا بعنوان «البكتاشية وجدل التأسيس»، في محاولة لسد حاجة المكتبة العربية لفهم الطريقة الصوفية والتأريخ لها ماضياً وحاضراً. ويتناول الباحث المصري في التاريخ الإسلامي أحمد عبدالمنعم العدوي، تاريخ الدراسات البكتاشية، في مرحلة النشأة والتكوين، ثم في مرحلة الإمبراطورية، ثم محنتهم في عهد السلطان محمود الثاني. وأخيرًا تاريخ البكتاشية بين الحظرين، أي الفترة من عام 1826 إلى عام 1925.
من جهته يلاحظ أستاذ في جامعة نجم الدين أربكان بقونيا، بتركيا، دوغان قبلان، أن هناك إرباكا عميقا في المجتمع التركي والطرف المعني بماهية العلوية والبكتاشية، ذلك لقلة المصادر؛ لأن هذه المسألة من المواضيع الساخنة في السياسة التركية منذ بضع سنين. حيث المنظمات العلوية والبكتاشية تتقدم بطلبات شتى من الحكومات التركية.
ويذكر أن «البكتاشية» نشأت واشتد عودها في بيئة مليئة بالتناقضات، وقد كان لنشأتها هذه أثر في اختلاف النظر حولها، ومحاولة تفسيرها، والحديث حول نشوئها نشوءاً مستقلاً، أو كونها تلفيقاً جديداً لا يطابق اعتقاداً من الاعتقادات السالفة مطابقة كلية، وإن كان يشبهه على نحو جزئي. ذلك ما يراه الباحث السوري في تاريخ الأديان تركي المصطفى، معتبرا أن هذا الخلاف يعود إلى طبيعتها الباطنية التي تقف حائلاً دون القطع بوجه من وجوه التفسير، كما هو الشأن في أمثالها من الظواهر الدينية الباطنية، كما تقف حائلاً دون القطع بوجه من وجوه الاستمداد؛ فنحن مع إدراكنا المطمئن إلى صلتها الوثقى بمذهب الشيعة، لا يمكننا أن نعدها فرعاً له، أو نعده مصدراً أو أصلاً لها.
الكتاب ضم أيضا دراسات لباحثين مختصين، من ضمنها بحث أحمد محمود إبراهيم حول «تأسيس الإسلام الموازي: التصوف الشعبي في الأناضول»، الذي عالج فيه السياسة الدينية لسلاطين سلاجقة الروم في الأناضول لافتاً إلى أنهم أرسوا دعائمَ بنية قوية للإسلام السُّني في مدن الأناضول، واضطروا في سبيل تحقيق ذلك إلى استدعاء كثيرٍ من العلماء والفقهاء من إيران وسورية والجزيرة، وتشجيعهم على الاستقرار بالأناضول في ظل رعاية الدولة، فلا جرم كان للعناصر العربية والإيرانية الوافدة دور حاسم في تشكيل حضارة الأناضول وصوغ صورة الإسلام السُّني بمدنها.